في عام ٥٧ ق. م غادر رومه كيوس مميوس Caius Memmius الذي أهدى إليه لكريشيوس قصيدته ليكون بريتوراً أولاً في بثينيا Bithynia، وكان حكم حكام الولايات الرومان قد أخذوا في ذلك الوقت يعتادون عادة جديدة هي أن يصطحب كل منهم عند سفره إلى ولايته أحد المؤلفين. ولم يأخذ هذا الحاكم معه لكريشيوس بل أخذ شاعراً يختلف عنه في كل شيء عدا قوة عاطفته ويدعى كونتس (أوكيوس) فليريوس كاتلس Quintus Valerius Catullus. وكان كونتس هذا قد قدم إلى رومه من مدينة فيرونا موطنه الأصلي، وكان لأبيه فيها من المنزلة ما يجيز له أن يكون ضيفاً كثير التردد على قيصر، وما من شك في كونتس نفسه كان على جانب كبير من الثراء، فقد كانت له بيوت ذات حدائق بالقرب من تيبور Tibur وعلى شواطئ بحيرة جاردا Garda، وكان له بيت جميل في رومه. وهو يقول عن هذه الأملاك إنها كانت مستغرقة في الدين، ولا ينفك يعلن أنه فقير، ولكن الصورة التي نستطيع أن نرسمها له من قصائده هي صورة الرجل المهذب الذي لا يهتم بكسب العيش، ولكنه يمتع نفسه بطيبات الدنيا من غير حساب في صحبة أمثاله المترفين في عاصمة الدولة. وكانت هذه الفئة تضم طائفة من العقول وأبرع الخطباء السياسيين من الشبان أمثال ماركس كثيليوس Marcus Caeliua وهو شريف أصبح فيما بعد شيوعياً، وليسينيوس كلفس Licinius Calvus الشاعر النابه والقانوني الضليع؛ وهلفيوس سنا Helvius Cinna الشاعر الذي كاد الغوغاء من أنصار أنطونيوس يحسبونه أحد قتلة قيصر وينهالون عليه ضرباً حتى يقضي نحبه. وكان هؤلاء يعارضون قيصر ويوجهون له كل ما تسعفهم