الفونسودي لجيرومي المحامي العريق الأصل أسس في ١٧٣٢ جماعة "أتباع الفادي"(أي المسيح)، كذلك أسس القديس بولس الصليبي (باولودانتي)، الذي مارس أقسى ضروب النسك، في ١٧٣٧ "طائفة المتألمين". أي إتباع صليب المسيح المقدس وآلامه.
وكانت جماعة اليسوعيين في ١٧٣٠ تضم نحو ٢٣. ٠٠٠ عضو. منهم ٣. ٦٢٢ في إيطاليا، ونصفهم قساوسة (٢٣). ولم يكن هناك تناسب قط بين سلطانهم وعددهم. فكثيراً ما أثروا في السياسة الداخلية والدولة بحكم كونهم آباء الاعتراف للملوك والملكات والأسر المرموقة، وكانوا أحياناً أكثر القوى إلحاحاً-بعد جماهير الشعب-في اضطهاد الهرطقة. ومع ذلك كانوا أكثر اللاهوتيين الكاثوليك تحرراً، وقد رأينا في غير من هذا الموضع كم حاولوا في صبر أن يتوافقوا مع حركة التنوير الفرنسية. وقد تميزت بعثاتهم الخارجية بمثل هذه المرونة. ففي الصين حولوا مئات الألوف إلى الكاثوليكية (٢٤)، ولكن تنازلاتهم الذكية لعبادة الأسلاف، وللكنفوشية، وللطاوية، صدمت مبعوثي الطوائف الدينية الأخرى فاقنعوا البابا بندكت الرابع عشر بأن يكبح جماح اليسوعيين ويوبخهم في مرسوم Ex quo Singulari (١٧٤٣) . على أنهم ظلوا برغم ذلك أقدر وأعلم على العقيدة الكاثوليكية ضد البروتستانتية والإلحاد، وأخلص المؤيدين للباباوات ضد الملوك. وقد وجد الملوك في جماعة اليسوعيين أثناء صراعات السيادة والسلطة بين الدول القومية والكنيسة التي تعلو على القوميات عدواً هو أشد أعدائهم دهاء وإلحاحاً. ومن ثم فقد صحت نيتهم على القضاء عليها. ولكن الفصل الأول في هذه الدراما مكانه البرتغال.
[٤ - من تورين إلى فلورنسة]
إذا دخلنا إيطاليا من فرنسا بطريق مون-سني، هبطنا جبال الألب إلى بيدمونت التي تسمى "سفح الجبل" ثم مررنا بكروم وحقول للحبوب وبساتين لأشجار الزيتون أو الكستناء حتى نبلغ توبرين، القصبة القديمة لبيت سافوي والتي يرجع عمرها ألفي سنة. وهذا البيت من أقدم الأسر