وتشرب؛ إنهم لم يشغلوا أنفسهم أبداً بما يجري في السماء، وبمن ذا عسى أن يكون خالق النجوم وحاكمها"، ولما كان الإسكيمو يُسألون من ذا صنع السماوات والأرض، كانوا يجيبون دائماً بقولهم "لسنا ندري"، وسئل رجل من "الزولو": "إذا رأيت الشمس تشرق وتغيب، وإذا رأيت الشجر ينمو، فهل تعرف من خالقها ومن حاكمها؟ " أجاب في بساطة بقوله "كلا، فنحن نراها، لكننا لا نستطيع أن نعلم أنىّ جاءت، ويظهر أنها جاءت من تلقاء أنفسها".
على أن هذه حالات نادرة الوقوع، ولا يزال الاعتقاد القديم بأن الدين ظاهرة تعم البشر جميعاً اعتقاداً سليما؛ وهذه، في رأي الفيلسوف، حقيقة من الحقائق التاريخية والنفسية، فهو لا يكفيه أن يعلم عن الديانات كلها أنها مليئة باللغو الباطل، لأنه معنى قبل ذلك بالمشكلة في ذاتها، أعني مشكلة العقيدة الدينية من حيث قِدمَ ظهورها ودوام وجودها، فما أساس هذه التقوى التي لا يمحوها شئ من صدر الإنسان؟.
[١ - مصادر الدين]
الخوف - الدهشة - الأحلام - النفس - الروحانية
الخوف- كما قال لوكريشس- أول أمهات الآلهة، وخصوصاً الخوف من الموت، فقد كانت الحياة البدائية محاطة بمئات الأخطار، وقلما جاءتها المنيَّةُ عن طريق الشيخوخة الطبيعية، فقبل أن تدب الشيخوخة في الأجسام بزمن طويل، كانت كثرة الناس تقضي بعامل من عوامل الاعتداء العنيف أو بمرض غريب يفتك بها فتكا، ومن هنا لم يصدق الإنسان البدائي أن الموت ظاهرة طبيعية وعزاه إلى فعل الكائنات الخارقة للطبيعة، ففي أساطير سكان بريطانيا الجديدة الأصليين، جاء الموت نتيجة خطأ أخطأته الآلهة، فقد قال الإله الخير