طلت ماريا تريزا فترة محطمة الجسد والعقل بعد موت الإمبراطور فرانسوا الأول (١٨ أغسطس ١٧٦٥). وشاركت خليلته الحزن عليه، وقالت لها:"يا عزيزتي الأميرة؛ لقد فقدت كلتانا الكثير". (٣٠) وقصت شعرها، وتصدقت بصيوان ثيابها، ونبذت كل أنواع الخلي ولبست السواد إلى يوم مماتها. وسلمت شؤون الحكم ليوزف ورددت حديث الاعتكاف في أحد الأديرة. على أنها عادت إلى الحياة العامة لخشيتها من أن يكون وريثها الطائش غير كفء للحكم؛ ثم وقعت في ١٧ نوفمبر إعلاناً رسمياً بالمشاركة في الحكم. واحتفظت بالسلطة العليا في الشؤون الداخلية للنمسا والمجر وبوهيميا؛ أما يوزف فتقرر باعتباره إمبراطوراً أن يناط به الشؤون الخارجية الجيش؛ ثم الإدارة والمالية بسلطة أقل؛ ولكنه في الشؤون الخارجية قبل إرشاد، كاونتز، وفي جميع الميادين خضعت قراراته لمراجعة الإمبراطورة. وقد خفف احترامه وحبه لأنه من حدة شغفه بالسلطة. فلما أشرفت على الموت تقريباً بالجدري في ١٧٦٧ لزم سريرها إلا نادراً؛ وأذهل الحاشية بعمق قلقه وحزنه. وأخيراً أقنعت هذه الهجمات الثلاث التي أصاب بها المرض الأسرة المالكة الأطباء النمساويين بإدخال التطعيم ضد الجدري.
وأقلق الابن النحب أمه بإلحاح أفكاره المطالبة بالإصلاح. ففي نوفمبر ١٧٦٥ أرسل إلى مجلس الدولة مذكرة لابد أنها أفزعت قراءها:
"رغبة في الاحتفاظ بالمزيد من كفاءة الرجال القادرين على خدمة الدولة سأصدر أمراً-مهماً قال البابا وجمع الرهبان في العالم-يحرم انقطاع أي من رعاياي للعمل الكنسي قبل … سن الخامسة والعشرين. فالعواقب والوخيمة-للجنسين-التي كثيراً ما تنجم عن النذور المبكرة خليق بها أن تقنعنا بنفع هذه الترتيب، فضلاً عن المبررات المتصلة بالدولة.
"وينبغي أن يكون التسامح الديني والرقابة المعتدلة على المطبوعات،