للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد شهور أخذه أبوه إلى فرنكفورت-على-المين ليتوج ملكاً على الرومان-وهي الخطوة التقليدية إلى العرش للإمبراطوري. وهناك انتخب في ٢٦ مارس ١٧٦٤ (وكان الشاب جوته بين الجمع الحاضر)، وفي ٣ إبريل توج. ولم يستمتع بالمراسم المطولة، والخدمات الدينية، والخطب، وشكا في خطاب لأمه من "الهراء والحماقات البالية التي كان لزاماً علينا أن نستمع إليها طوال اليوم. أنه يقتضي جهوداً جبارة أن أمنع نفسي من مصارحة هؤلاء السادة بملغ ما في عملهم وكلامهم من بلاهة. "ولم يكف خلال هذا كله عن التفكير في الزوجة التي فقدها. "علي أن أبدو في غاية الابتهاج رغم ما يعتصر قلبي من ألم … أنني أحب الوحدة .. ومع ذلك يجب أن أعيش بين الناس .. وعلي أن أثرثر طوال النهار وأفوه بأحاديث كلها لغو وتفاهة (٢٧) ". ولابد أنه أحسن إخفاء مشاعره، لأن أخاه ليوبولد قرر أن "ملكنا-ملك الرومان-ساحر دائماً، رائق المزاج دائماً، مرح، كيس، مؤدب، وهو يكسب جميع القلوب (٢٨) ".

فلما عاد إلى فيينا أبلغ بضرورة زواجه ثانية، ذلك أن استمرار الحكومة المنتظم اقتضى فيما يبدو استمرار أسرة هابسبورج. واختار كاونتز زوجة له هي يوزيفا البافارية، لأن كاوتنز كان يأمل أن يضيف بافاريا إلى ملك النمسا. ووقع يوزف مشروع الزواج الذي وضعه له كاونتز، وبعث به، وكتب إلى دوق بارما (والد ايزابيللا) وصفاً ليوزيفا قال فيه "إنها مخلوق صغير قصيرة بدينة تجردت من سحر الشباب، على وجهها دمامل وبقع حمراء وأسنان منفرة .. فاحكم بنفسك ما كلفني هذا القرار .. ألا رفقاً بي، ولا يفتر حبك لابن لك قد دفن في قلبه إلى الأبد صورة معبودته رغم أن له زوجة ثانية" (٢٩). وقد زف يوزف إلى يوزيفا في بواكير عام ١٧٦٥. وحاولت أن تكون له زوجة صالحة، ولكنه زهد فيها سراً وعلانية. وقاست في صمت، ثم ماتت بالجدري في ١٧٦٧. ورفض يوزف أن يتزوج مرة أخرى. وكرس الآن مل بقي من حياته للحكم وفية مزيج محزن من الفتور والإخلاص، من المثالية والغرور.