وبدل نمو الصناعة والتجارة، وانتشار الاقتصاد النقدي، وازدياد الطلب على العمال في المدن، بدل هذا كله نظام الزراعة تبديلاً كبيراً. ذلك أن البلديات لحرصها على أن تظفر بعمال جدد أعلنت أن أي شخص يقيم في مدينة ٣٦٦ يوماً دون أن يطلبه سيد إقطاعي، ويتحقق من شخصيته، ويستولي عليه لأنه من أرقاء أرضه، أي شخص تنطبق من هذه الشروط يصبح من تلقاء نفسه حراً، يتمتع بحماية قوانين حكومة المدينة وسلطانها. وذهبت فلورنس إلى أبعد من هذا فدعت في عام ١١٠٦ جميع الفلاحين المقيمين في القرى المجاورة لها للمجيء إليها والإقامة فيها أحراراً؛ ودفعت بولونيا Bologna وغيرها من المدن المال إلى سادة الإقطاع لكي يسمحوا لأرقاء أراضيهم بأن ينتقلوا إلى المدن. وفر عدد كبير من أرقاء الأرض أودعوا ليفلحوا أرضين جديدة في شرق نهر الإلب، وأصبحوا فيها أحراراً من تلقاء أنفسهم.
أما الذين بقوا في ضياع سادة الإقطاع فقد أخذوا يعارضون في أداء الضرائب والرسوم الإقطاعية التي أضحت لطول العهد بأدائها مقررة واجبة الأداء؛ ونشأت من هذه المعارضة متاعب جمة. وحذا كثير من أرقاء الأرض حذو عمال المدن فأنشئوا لهم جمعيات ريفية، وأقسموا أن يعملوا مجتمعين للامتناع عن أداء الرسوم والضرائب الإقطاعية، ثم سرقوا أو أتلفوا ما عند سادتهم من وثائق تسجيل استرقاقهم أو التزاماتهم، وأحرقوا قصور المعاندين من أولئك السادة، وأنذرهم بأنهم سيغادرون أملاكهم إذا لم يجيبوا مطالبهم. وفي عام ١١٠٠ أعلن أرقاء الأرض في سانت ميشيل- ده- بوفيه أنهم سيتزوجون من تلك الساعة