للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢ - الروح الديني]

ونجد مقابل هذا المجتمع الثائر القديسين والمتصوفة، الذين أعطوا هولندة، في كنف أولئك الدوقات مكانة رفيعة في التاريخ الديني. فقد اعتزل القسيس جان فان ريسبرويك منصبه في بروكسل وهو في الخمسين من عمره (١٣٤٣) وأوى إلى دير أوغسطين في جروينندايل، بالقرب من واترلو، حيث وقف نفسه على التأملات والتأليف الصوفية. وصرح بأن "روح القدس" هي التي كانت تهدي قلمه، ومع ذلك فإن مذهبه في الحلول كاد ينكر خلود الفرد.

"فإن الله ذاته، يحل مع الأبرار، في غيبوبة الكيفيات … وهو فناء أبدى للنفس .. وتحصل الدرجة السابعة، عندما نكشف وراء كل المعرفة أو وراء العارف بكل شيء، في أنفسنا لا عارف ليس له قرار. وعندما نتجاوز جميع الأسماء التي لله أو الكائنات، فإننا نحتضر، ونتحول إلى لا اسمية أبدية، حيث نفقد أنفسنا ....

ونتأمل جميع هذه الأرواح المبررة، التي فنيت ودخلت وغابت في جوهرها الاسمي، في ظلام غير معروف بلا كيفية".

ولقد شهدت الأرض الواطئة (١) وولاية الراين الألمانية، وفرة من جماعات غير دينية-البيجارديين والبيجوبنيين وإخوان الروح الحر-أثمرت أحوالها الصوفية غالباً التقوى والخدمة الاجتماعية والسكينة والسلم وأدت أحياناً إلى إنكار الأسرار المقدسة على أساس أنها غير ضرورية، وإلى الرضى عن الخطيئة أحياناً لأنها ستفنى بالاتحاد في الله. وتلق جبريت (أو


(١) تستعمل الأرض الواطئة أو المنخفضة في هذا الكتاب بمدلولها الأصلي لتدل بالتقريب على ما يشمل بلجيكا وهولندة الحديثتين.