للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثامن

[إنجلترا]

[١ - وليم الفاتح]

حكيم وليم الفاتح إنجلترا حكماً جمع فيه بمهارة عظيمة بين الشدة، والقانون، والتقوى، والدهاء، والخداع. فلما أن رفعه إلى العرش الويتان Witan تحت تأثير الخوف والإرهاب، أقسم أن يطيع القوانين الإنجليزية المعمول بها وقتئذ. وانتهز بعض الأعيان في غربي إنجلترا وشماليها فرصة غيابه في نورمندي وحاولوا إيقاد نار الثورة في البلاد (١٠٦٧)، فعاد إليهم واندفع في البلاد ينتقم من أهلها أشد الانتقام، فأطلق لنفسه فيه العنان يقتل الأهلين، ويهلك الحرث والنسل، ويدمر البيوت بأساليب منظمة محكمة لم تنج إنجلترا من آثارها كلها حتى القرن التاسع عشر (٢٤). وقسم أخصب أراضي المملكة إلى ضياع واسعة وزعها على أعوانه النورمان، وشجعهم على بناء قصور حصينة يتخذونها قلاعاً يدافعون بها عن أنفسهم ضد السكان المعادين (١). واحتفظ هو بمساحات من الأرض واسعة لتكون ملكاً للتاج، واتخذ قطعة من هذه الأرض طولها ثلاثون ميلاً، مسارح للملك يصيد فيها الوحوش. ودمر كل ما في هذه البقعة من منازل، وكنائس، ومدارس ليفسح الطريق للخيل والكلاب، وكان يعاقب كل من يقتل أيلاً أو أيلة في الغابة الجديدة بفقء عينه (٢٥).


(١) وربما كان روبن هود Robin Hood، الشهير في القصص والغامض في التاريخ الصحيح، أحد الإنجليز السكسون الذين ظلوا أكثر من مائة عام يحاربون الفاتحين النورمان حرب العصابات. وكان الفقراء الإنجليز يحيون ذكراه، بوصفه ثائراً لم يغلب يعيش في غابة شروود Sherwood، ولا يعترف بالقانون النورماني وينهب مال الأعيان، ويساعد أرقاء الأرض، ويعبد القديسين.