للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثاني

[بمبي]

كانت بمبي إحدى البلدان الصغرى في إيطاليا، وقلما يرد لها ذكر في الآداب اللاتينية إلى إذا ذكر حساء سمكها المتبّل، وكرنبها، ودفنها تحت الرماد البركاني، وقد أنشأها الإسكانيون Oscans، ولعلها تضارع روما في قدم عهدها؛ وسكنها مهاجرون من اليونان، واستولى عليها سلا، وجعلها مستعمرة رومانية، ودمر بعضها زلزال في عام ٦٣ م. وكان بناؤها لا يزال يجدد في الوقت الذي دمرها بركان فيزوف مرة أخرى. فقد ثار هذا البركان في اليوم الرابع والعشرين من شهر أغسطس عام ٧٩ م. وقذف من فوهته رماداً وصخوراً في الهواء وعلته ألسنة من اللهب. وانهمر فوقها مطر غزير فاستحالت المواد التي قذفها البركان سيلاً جارفاً من الطين والحجارة حط على بمبي وهركيولانيم، فلم تمضِ إلا ست ساعات حتى غطاها بطبقة يبلغ سمكها ثماني أقدام أو عشر. وظلت الأرض تزلزل والمنازل تتداعى طوال ذلك النهار والليلة التي أعقبته. فدفن النظارة تحت أنقاض دور التمثيل (١٤)، واختنق مئات من الأهلين بالتراب والدخان، وثارت الأمواج فحالت بين من حاولوا النجاة بطريق البحر. وكان بلني الأكبر وقتئذ يتولى قيادة الأسطول الغربي عند ميسينم Misenum القريبة من بتيولي وتأثر قلبه باستغاثة أهل البلدة وطلبهم النجدة، كما تأثر برغبته في مشاهدة هذه الظاهرة عن كثب، فركب سفينة صغيرة ونزل منها إلى البر على الشاطئ الجنوبي للخليج، وأنجى عدداً من الاشخاص؛ وبينما كانت تلك الجماعة تغدو خوفاً من البَرَد والدخان اللذين كانا يتقدمان نحوها، خارت قوى العالم الشيخ، فسقط في