وكان ابن شارل السابع وولي عهده متعباً على غير العادة. ولقد زوج وهو في الثالثة عشرة من عمره، رغم إرادته (١٤٣٦) من مارجريت صاحبة اسكتلندا، وكان عمرها إذ ذاك إحدى عشرة سنة، فانتقم لنفسه بإهمالها واتخاذ الخليلات. وأغرمت مارجريت بالشعر، ووجدت السلام الأبدي في الموت المبكر (١٤٤٤) وقالت وهي تلفظ أنفاسها "تباً للحياة .. امسكوا الحديث عنها .. " وانتقض لويس على أبيه مرتين، وفر إلى فلاندرز بعد المحاولة الثانية، وانتظر نافذ الصب أن يؤول السلطان إليه. وأعانه شارل على بلوغ مأربه، بأن انقطع عن الطعام إلى أن مات (١٤٦١)، وحكم فرنسا بذلك واحد من أعجب الملوك وأعظمهم طيلة اثنتين وعشرين سنة.
وكان إذ ذاك في الثامنة والثلاثين، نحيلاً غليظ القلب، غير منغمس في الترف، له عينان مرتابتان وأنف طويل، أقرب إلى الفلاح في مظهره، يتخذ زي الحاج الزاهد الذي يتألف من رداء أغبر خشن وقبعة رثة من اللباد، وكان يصلي كالقديس، ويحكم كأنما قرأ كتاب "الأمير" قبل أن يولد مكيافلي .. واحتقر أبهة الإقطاع، ة وسخر من التقاليد والمراسيم، وبحث في شرعية مولده، وأذهل جميع العروش ببساطته. وعاش في قصر دي تورنل الكئيب بباريس، أو قصر بلسية ليه تور، بالقرب من مدينة تور، كالأعزب، وإن تزوج مرتين، وكان شحيحاً وإن كان يمتلك فرنسا،