لقد استبقينا إلى آخر هذا الكتاب شاعرين عاشا في وقت واحد، وسعيا للخطوة لدى إمبراطور واحد وأنصار بعينهم، ومع ذلك فكلاهما لا يذكر اسم الآخر: وكان احدهما أعف شاعر في تاريخ روما الإمبراطورية كما كان الآخر أفحش شاعر فيه. فأما أولهما فهو ببليوس بابنيوس استاتيوس Publius Papinius Statius وهو ابن شاعر ونحوي من مدينة فابلي. وقد هيأت له بيئته وتربيته كل شيء يطمع فيه عدا المال والعبقرية. فكان يعاني قرض الشعر، ويفاجيء الندوات بما يرتجله منه، وكتب منه ملحمة تدعي الطيبية Thebaid في خرب السبع المدن في طيبة. ولسنا نستطيع قراءتها في هذه الأيام لأن أبياتها تزدحم بأسماء الآلهة الموتى، ولأن الإنسان لا يطيق ما لأشعارها السلسة من قدرة على التحذير؛ ولكن معاصريه كانوا يغرمون بها، وكانت الجموع تهرع لتستمع إليه وهو ينشدها في أحد ملاهي مدينة نابلي؛ وكانوا يفهمون ما تحتويه من أساطير ويعجبون برقة إحساساته، ويجدون أشعاره تجري سهلة على ألسنتهم، وقد منحه المحكمون في مباريات الشعر في أولبان الجائزة الأولى، وكان الأثرياء يخطبون وده ويعينونه على التخلص من فقره (١٢٤)، ودعاه دومتيان Domitian نفسه في قبة فلافيا Flavia وجازاه استاتيوس على فعله هذا بأن شبه القصر بالجنة والإمبراطور بالإله.
ووجه استاتيوس ألطف قصائده وأبعثها للسرور إلى دومتيان وغيره من نصرائه. وكانت هذه القصيدة وهي قصيدة سلفا Silva تشتمل عل طائفة من المدح ومن أناشيد الرعاة في شعر خفيف ظريف في الدرجة الوسطى من الجودة. على أنه لم يكسب الجائزة الأولى في مباريات الكبتولين بل نالها