للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاعر آخر. وأخذ نجمه في الأفول في رومة المتقلبة، فما كان منه إلا أن أقنع زوجته بمغادرة المدينة والعودة معه إلى البلد الذي قضى فيهِ حداثته. وفي نابلي شرع يكتب ملحمة أخرى هي الأخيلية Achelleid ولكن المنية فاجأته في عام ٩٦ فتوفي ولما يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره. ولم يكن استاتيوس عظيماً ولكنه كان يضرب على نغمة من الرأفة والحنان محببة إلى النفوس في وسط أدب كثيراً ما تغلب عليه السخرية والحقد المرير، وفي مجتمع بلغ من الفساد والفحش درجة لم يكن لها من قبل مثيل، ولو أنه بلغ من الدناءة ما بلغه مارتيال لكان خليقاً بأن ينال ما ناله من الشهرة.

وولد ماركس فليريوس مارتيالس في بليليس من أعمال أسبانيا في السنة الأربعين بعد الميلاد، ولما بلغ الرابعة والعشرين من عمره جاء إلى رومة وعقد أواصر الصداقة مع لوكاس وسنكا، وأشار عليه كونتليان أن يتخذ المحاماة وسيلته للثراء، ولكنه فضل عليها الشعر مع الإملاق. وأطاحت مؤامرة بيزا فجاءة بأصدقائه فاضطر توجيه قصائد للموسرين الذين يستطيعون أن يطعموه إذا قال لهم نكتة شعرية. وكان يسكن في علية في الطابق الثالث، وأكثر الظن أنه كان يعيش فيها وحيداً؛ نقول هذا لأنه وأن كان يوجه قصيدتين من قصائده لامرأة يقول عنها إنها زوجته فإن ما في القصيدتين من فحش لا يترك مجالاً للشك في أن هذه المرأة إما أن تكون اختراعاً من عنده وإما أن تكون قوادة (١٢٦).

وهو يخبرنا بأن قصائده كانت تقرأ في جميع أنحاء أوربا لا يستثني منها القوط أنفسهم. وهو يغتبط إذ يعلم أنه اشتهر فيها شهرة جواد السباق، ولكنه كان يؤلمه أن يرى الناشر الذي يبيع كتبه يجمع الثروة الطائلة، وأنه هو لا يجني منها شيئاً. وأشار مرة في إحدى قصائده إلى أنه في اشد الحاجة إلى جبة رومانية، فلما أرسلها إليه بارثنيوس الثري معشوق الإمبراطور رد عليه بمقطوعتين مدح في إحداهما جدة الجبة وندد في الثانية بحقارتها ورخص ثمنها. على أنه عثر بعد