ليس في مقدورنا أن نتعقب مراحل النحت التاريخية في الهند بادئين بالتماثيل الصغرى التي وجدت في "موهنجو- دارو" ومنتهين بعصر "أشوكا" لكن يجوز لنا أن نشك في أن هذه الفجوة التي تعترض تطور تلك المراحل، ليست فجوة في تقدم الفن نفسه بمقدار ما هي فجوة في علمنا به؛ وربما أفقرت الغزوات الآرية الهند حيناً من الدهر، فانتكست بفعل الفقر من الحجر إلى الخشب في صناعة تماثيلها؛ أو ربما كان الآريون أكثر انصرافاً إلى الحروب من أن يجدوا الفرصة للعناية بالفنون، فأقدم التماثيل الحجرية التي بقيت لنا في الهند لا يرجع إلى عهد أقدم من "أشوكا" لكن هذه التماثيل تدل على مهارة بلغت من الرقي حداً رفيعاً لا يدع لنا مجالاً للشك في أن الفن كان قبل ذلك آخذاً في نموه عدة قرون (٤٠)؛ وجاءت البوذية فوضعت حوائل معروفة تقوم في وجه التصوير والنحت معاً، وذلك بمقتها للأوثان وللتصاوير الدنيوية: إن بوذا يحرم "تصاوير الخيال في رسم أشخاص الرجال والنساء"(٤١) وبحكم هذا التحريم الذي يوشك أن يكون صادراً من موسى لقى التصوير والنحت من الحوائل في الهند مثل ما لقياه في عهد اليهود، ومثل ما سيلقيانه بعدئذ في ظل الإسلام، لكن هذا "التزمت"- فيما يظهر- أخذ يتراخى شيئاً فشيئاً كلما تهاونت البوذية في تشددها وازدادت مشاطرة للروح الدرافيدية التي تميل إلى الرمز والأساطير، فلما عاد فن النحت إلى الظهور من جديد (حوالي سنة ٢٥٠ ق. م) في التماثيل الحجرية البارزة القائمة على "السور" الذي يحيط بأكمات