للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٦ - الرضا والقناعة]

ومهما يكن من أمر، فليس ثمة سبب واضح يدعو شكسبير إلى الشكوى من لندن، فقد هيأت له النجاح والهتاف باسمه والثروة. وثمة أكثر من مائتي إشارة ومرجع له، وكلها مؤيدة له وتشيد بذكره، في الأدب الباقي من عصره. وفي ١٥٩٩ أورد كتاب فرانسيس ميرز "خزانة المفكرين الموهوبين"، سدني، سبنسر، دانيل، داريتون، وارنر، شكسبير، مارلو، تشابمان، بهذا الترتيب، على أنهم أقطاب المؤلفين في إنجلترا، ووضع شكسبير على رأس الكتاب المسرحيين (٨٦). وفي نفس العام أعلن ريتشارد بارنفيلد-وهو شاعر منافس-أن أعمال شكسبير (التي لم يكن أفضلها قد ظهر بعد) قد وضعت اسمه في "سجل الشهرة الخالدة (٨٧) " وكان محبوباً مألوفاً حتى عند منافسيه. وكان داريتون وجونسون وبوريدج من بين أصدقائه الحميمين. وعلى الرغم من أن جونسون انتقد أسلوبه الطنان، وتساهله الطائش في التأليف، وإغفاله الشنيع للقواعد الكلاسيكية (القديمة)، فان جونسون نفسه، في المقدمة رفع شكسبير فوق كل الكتاب المسرحيين قديمهم وحديثهم، وقرر أنه "ليس فريداً في عصر بعينه، بل في كل العصور" وفي الأوراق التي خلفها جونسون عند موته، كتب يقول "لقد أحببت الرجل … الشبيه بالصنم الذي يحبه الإنسان حباً أعمى (٨٨) ".

وتحدثنا الأخبار بأن جونسون وشكسبير التقيا في اجتماعات رجال الأدب في حانة مرميد في شارع " Bread Street"، فتعجب فرانسيس بومونت الذي كان يعرف الرجلين كلاهما:

ما هذا الذي رأيناه؟

في مرميد! سمعنا كلاماً يفيض

رقة، ويتقد حرارة

وكأنما جاء كل إنسان من حيث أتى

قاصداً أن يفرغ كل ذكائه وتفكيره في نكتة،