للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجودة في النفس الخالدة. (٨٣). وتخيل كلوديو في رواية Measure For Measure حياة آخرة، ولكن بالشكل القائم في جحيم دانتي أو مثوى الموات:

آه ولكنا نموت، ونذهب إلى حيث لا ندري،

ونرقد في حفرة باردة بعيدين عن الأنظار، ونتعفن،

وتتحول الحركة الدائبة المحسوسة إلى كتلة من طين معجون،

وتستحم الروح المرحة في بحار من نار، أو تسكن

في صقع متماوج من جليد متراكم تراكماً كثيفاً

أو تسجن في الرياح غير المنظورة

التي تهب في عنف لا يهدأ حول

العالم المتدلي .... أن هذا شيء بالغ الرهبة (٨٤).

وتحدث هملت عرضاً عن النفس، على أنها خالدة (٨٥). ولكن مناجاته لا تؤكد أية عقيدة أو إيمان. وكلماته على فراش الموت في النسخة القديمة "فلتستقبل السماء نفسي"، غيرها شكسبير إلى أن الراحة هي السكون (الموت).

ولسنا نستطيع أن نقول، على وجه التحقيق، كم من هذا التشاؤم، جاء نتيجة لمتطلبات المسرحية المأساوية. وكم منه كان يعبر عن حالة شكسبير النفسية، ولكن تكراره وتوكيده يوحيان بأنه- أي التشاؤم- عبر عن أحلك مراحل فلسفته. وإنما كان التخفيف الوحيد الذي جاء في الروايات التي توجت أعماله، كان اعترافاً حائراً متردداً بأنه يوجد هناك وسط رذائل هذه الدنيا نعم البركات ومباهج، كما يوجد وسط الأشرار الأوغاد كثير من الأبطال وبعض القديسين، فهناك إلى جانب ياجو وجدت ديدمونه، وإلى جانب جونريل وجدت كورديليا، وإلى جانب إدموند وجد أدجار أو كنت، وحتى في خملت، يهب نسيم عليل من وفاء هوراشيو، ومن رقة أوفيليا وحنانها الموسومين بالحزن والكآبة. وبعد أن يغادر الممثل والكاتب المسرحي المنهوك لندن بما فيها من فوضى ووحشية برغم الازدحام، إلى المروج الخضر والسلوى الأبوية في بيته في ستراتفورد، فلسوف يستعيد الحب الشديد للحياة لدى الإنسان.