كان الاقتصاد البيزنطي مزيجاً من المشروعات الفردية، والتنظيم الحكومي، والصناعات المؤممة، شبيهاً بما يجرى به العمل في هذه الأيام. وكان امتلاك الفلاحين للأراضي التي يزرعونها لا يزال في عصر جستنيان هو القاعدة المعمول بها في الزراعة؛ ولكن الضياع كانت آخذة في الاتساع، وكان كثير من الزراع يضطرون شيئاً فشيئاً إلى الخضوع الإقطاعي لكبار الملاك، وكان الذي يرغمهم على هذا الخضوع هو الجفاف، والفيضان، والتنافس، والعجز عن فلح الأرض، والضرائب، والحروب. وكانت الموارد المعدنية التي في باطن الأرض ملكاً للدولة ولكن معظمها كانت تستعمله الهيئات الخاصة التي تستأجره من الحكومة. وكانت مناجم بلاد اليونان قد نضب معينها، ولكن مناجم قديمة وجديدة كانت تستغل في تراقية، وبنطس، وبلاد البلقان. وكان معظم عمال الصناعة "أحراراً" أي أنهم لم يكن يرغمهم على العمل إلا عدم رغبتهم في الموت جوعاً؛ ولم يكن للاسترقاق المباشر في خارج الخدمة المنزلية وصناعة النسيج إلا شأن ضئيل، ولكن الدولة كانت تلجأ إلى السخرة في سوريا، وفي مصر وشمالي أفريقية على الأرجح للمحافظة على قنوات الري الكبرى (١). وكانت الحكومة تنتج في مصانعها معظم