واضطلع فليب بالمهمة شخصياً إلى حين. فخفض نفقاته وكرس نفسه مخلصا للحكم. غير أن أسباب اضمحلال أسبانيا كانت فوق ادراكه أو سيطرته. واستمرت الحرب، ولم تخفف الضرائب، وتناقص الانتاج، وتقلص السكان. وفي صلح وستفاليا (١٦٤٨) كانت أسبانيا عاجزة، فاضطرت إلى النزول عن الاستقلال للأقاليم المتحدة، بعد حرب عقيمة امتدت قرابة قرن من الزمان. وختم صلح البرانس (١٦٥٩) بخاتمة امتدت قرابة قرن من الزمان. وختم صلح البرانس (١٦٥٩) بخاتمة مصدقا على السيادة الفرنسية في أوربا. وسط هذه النكبات ماتت ايزابيللا البوريونية زوجة فليب الوفية الصابرة (١٦٤٤)، ولحق بها بعد عامين ولدها الوحيد الباقي على قيد الحياة، دون بالنازار كارلوس، الذي صوره فيلاسكويز، بأسلوب خلاب. ولم يبق للملك غير طفلة شرعية واحدة هي ماريا تريزا، التي زوجها للويس الرابع عشر. وإذ كان فليب تواقاً لوريث لملكه فقد تزوج (١٦٤٩) وهو في الرابعة والأربعين أبنة أخ لا تتجاوز الرابعة عشر ربيعاً، هي ماريانا النمساوية التي كانت مخطوبة لبالتازار، فمنحته ولدين: فليب ابروسير الذي مات في الرابعة، وولدا آخر أصبح فيما بعد كارلوس سيجوندو (شارل الثاني). أما الملك المرهق، الذي هد قواه حصى المرارة، وأوهنه نزف البواسير، ولم يكف عن مطاردته الرهبان المتجرون بالسحر، فقد استسلم للموت (١٦٦٥) تعزيه فكرة وجود وريث له، ولكنه اعفي من العلم بأن ولده نصف الأبله هذا سيوصى بملك أسبانيا كله لفرنسا.
[٥ - البرتغال]
١٥٥٧ - ١٦٦٨
تميزت هذه السنوات بثلاثة أحداث في البرتغال. فقدت استقلالها، ثم استردته، وكتب كامؤنش» اللوسياد «.
لقد شاركت أسبانيا نشوة وشراسة العقيدة، ثم سبقتها إلى الاضمحلال. وكان من أثر سرعة تطورها الاستعماري أنها استنزفت وراء البحار أكثر ابنائها مغامرة، وأهملت الزراعة أو ترك أمرها للعبيد