وكان الجزء الأكبر من هذه الثروة يُرد إلى الإسكندرية، وكانت عواصم الأقاليم وقلة من المدن الأخرى تستمتع أيضاً بالرخاء، فكانت أرضها مرصوفة وشوارعها مضاءة، وكانت لها شرطة تحمي أهلها، وكانت تُمد بالماء النقي؛ ولكن الإسكندرية بنوع خاص كانت تستمتع بنظام "حديث" لم يعهد له مثيل من قبل. ويصفها استرابون في القرن الأول بعد الميلاد فيقول إنها كانت تبلغ أكثر من ثلاثة أميال في الطول وميلاً في العرض؛ ويقدر بلني طول أسوارها بخمسة عشر ميلاً (٣١). وقد اختط المدينة دنقراطس المهندس الرودسي، وسستراتس النيدي على شكل مستطيل في وسطه شارع رئيسي يبلغ عرضه مائة قدم يخترقها من الشرق إلى الغرب، ويقطعه شارع آخر في مثل عرضه من الجنوب إلى الشمال. وكان هذان الشارعان الرئيسيان، وأكبر الظن أن شوارع غيرهما، يُضاءان ليلاً وتظللهما أميال من العمد. وكان الشريانان الرئيسيان السابق ذكرهما يقسمان المدينة أربعة أحياء، أبعدها نحو الغرب حي ركوتس Rhacotis وكانت كثرة سكانه من المصريين؛ وكان الحي الشمالي الشرقي حي اليهود، والجنوب الشرقي أو البركيوم Brucheum يحتوي على القصر الملكي، والمتحف والمكتبة، ومقابر البطالمة، وضريح الإسكندر، ودار الصنعة البحرية، وأهم الهياكل اليونانية، وكثير من الحدائق الفسيحة. وكان لإحدى هذه الحدائق مدخل تبلغ مساحته ستمائة قدم. وكانت حديقة أخرى تحتوي على مجموعة الحيوانات الملكية. وكان في وسط المدينة مباني الإدارات والمخازن الحكومية، والمحكمة، ومدرسة الألعاب الرياضية، وألف حانوت وسوق.