في هذه الأرقام يجب أن نحسب حساب تضخم العملة الذي تدفع به الحكومات نفقات حروبها. وقد اقترضت كاترين من داخل البلاد وخارجها ١٣٠. ٠٠٠. ٠٠٠ روبل لتمويل حملاتها على تركيا، وأصدرت نقوداً ورقية تجاوزت كثيراً أي غطاء من الذهب. وفقد الروبل أثناء حكمها ٣٢% من قيمته. وفي هذه الفترة ذاتها، ورغم زيادة الإيرادات من ٢١٥. ٠٠٠. ٠٠٠ (٦٨). وأكثر هذا الدين نجم عن الحروب التي كسرت شوكة تركيا، ومدت حدود روسيا إلى البحر الأسود.
[٦ - المحاربة]
بدأت كاترين بأهداف سلمية كما يبدأ كل فيلسوف: فأعلنت أن مشاكل الإمبراطورية الداخلية ستستغرق اهتمامها، وأنها ستتجنب كل صراع مع الدول الأجنبية إذا لم يتحرش بها أحد. فثبتت صلح بطرس الثالث مع بروسيا، وأنهت حربه مع الدنمرك. وفي ١٧٦٢ رفضت الإغراء بفتح كورلاند أو التدخل في بولندة، وقالت "عندي ما يكفي من البشر الذين على إسعادهم، ولن يزيدني رفاهية ذلك الركن الصغير من أركان الأرض"(٦٩). ثم خفضت الجيش، وأهملت ترسانات السلاح، وسعت إلى التفاوض مع تركيا لإبرام معاهدة للصلح الدائم.
ولكنها كانت كلما درست الخريطة وجدت عيباً في حدود روسيا. ففي الشرق كانت الإمبراطورية محمية جيداً بجبال الأورال وبحر قزوين وضعف الصين. وفي الشمال تحميها الثلوج. أما في الغرب فالسويد مستولية على جزء من فنلنده، قد يتوقع منه الهجوم في أي لحظة يشنه شعب ما فتئ يسوؤه ما غصبه منه بطرس الأكبر؛ وكانت بولندة وبروسيا تسدان الطريق إلى "أوروبا" والاصطباغ بحضارتها. أما في الجنوب فقد سد التتار، الخاضعون لخان مسلم يسيطر عليه الترك، الطريق إلى البحر الأسود. فأي إجهاضات للتاريخ أعطت روسيا جغرافية كهذه، وحدوداً شاذة كهذه؟ وهمس في أذنها القائد القديم مونيش، والقائد الجديد جريجوري أورلوف، بأن الوضع يكون معقولاً أكثر لو كان البحر الأسود هو الحد الجنوبي، وبأنه يكون