كانت العادات والشرائع في الغالب شيئاً واحداً في نظام الحكم الإقطاعي حيث كان القضاة والقائمون بتنفيذ القانون المدني عادة أميين. فإذا ما ثارت مشكلة خاصة بالقانون أو العقاب، سئل أكبر أعضاء المجتمع سناً عما جرت به العادة في هذه المشكلة أيام شبابهم، ولهذا كان المجتمع نفسه المصدر الرئيسي للقوانين. نعم إنه كان في مقدور الشريف أو الملك أن يصدر الأوامر، ولكن هذه الأوامر لم تكن قوانين، وإذا ما طلب إلى الناس أكثر مما تجيزه العادات حالت بينه وبين مطالبه مقاومة الشعب عامة جهرة أو صمتاً (٤٣). وكان لفرنسا الجنوبية قانون مكتوب ورثته عن الرومان، أما فرنسا الشمالية حيث كان الإقطاع أكثر تغلغلاً منه في الجنوب، فقد احتفظت في الأغلب الأعم بشرائع الفرنجة، ولما أن دونت هذه القوانين أيضاً في القرن الثالث عشر، أضحى تغييرها، الذي كان من قبل صعباً، أشد صعوبة مما كان، ونشأت مائة قصة قضائية للتوفيق بين هذه القوانين وبين الحقيقة الواقعة.
وكان قانون الملكية الإقطاعي قانوناً فذاً معقداً، يقر ثلاثة أشكال للملكية العقارية:(١) لملكية المطلقة غير المشروطة بشرط ما. (٢) الالتزام وهو منح غلة الأرض لا ملكيتها لتابع إقطاعي بشرط أداء الخدمة المفروضة على الشريف و (٣) الإيجار-وهو الذي تعطي به غلة الأرض لرقيق الأرض أو مستأجرها على شريطة أن يقوم بأداء الالتزامات الإقطاعية. وكان الملك وحده حسب النظرية الإقطاعية هو الذي يستمتع بالملكية المطلقة، أما كل من عداه، ومنهم أسمى الأشراف مقاماً، فكانوا مستأجرين يمتلكون الأرض على شريطة أن يؤدوا