كان العرب في عهد الأمويين طبقة عليا حاكمة تحصل على مقررات من الدولة. وكان جميع الذكور القادرين من أبناء العرب، يخضعون، في نظير هذه المزايا للخدمة العسكرية، يُدعون إليها في أي وقت من الأوقات. وكانوا بوصفهم الفاتحين يفخرون بدمهم النقي في زعمهم وبلغتهم العربية الفصحى. وكان العربي يحرص أشد الحرص على أن يضيف إلى اسمه اسم أبيه كعبد الله ابن الزبير مثلاً، وكان في بعض الأحيان يضيف إليه اسم قبيلته وموطنه الأصلي، فكان اسمه سيرة له مصغرة فيقول مثلاً: أبو بكر أحمد ابن جرير الأزدي. غير أن نقاء الدم لم يلبث أن أصبح أسطورة خرافية بعد أن اتخذ الفاتحون لهم جواري من أهل البلاد المفتوحة؛ وأدخلوا أبناءهم منهن في زمرة العرب؛ لكن الفخر بالدم والأصل ظل كما كان من قبل. وكان أفراد الطبقات العليا من العرب ينتقلون من مكان إلى مكان على ظهور الخيل، في أثواب من الحرير الأبيض، وسيوفهم مشرعة بأيديهم. أما العامة فكانوا يخرجون في سراويل منتفخة، وعمامات مطوية، وأحذية ذات أطراف رفيعة. واحتفظ البدوي بجلبابه الفضفاض، وشاله ومنطقته، وقد نهى النبي عن لبس السراويل الطويلة، ولكن بعض العرب نسوا أمره هذا، وكانت جميع طبقات الشعب تزدان بالحلي، وكانت الإناث يستهوين الذكور بصديرياتهن، ومناطقهن البرّاقة، ونُقبهن (١) الواسعة الزاهية اللون. وكن يعقصن شعرهن على جباههن، أو يرسلنه على جانبي رؤوسهن، أو يجدلنه
(١) النقب جمع النقبة وهي ثوب كالإزار تُجعل له حجزة مطيفة وهي Skirt بالإنجليزية. (المترجم)