لقد كانت هذه الحرب معركة نابليونية تقليدية: انقضاض سريع، وانتصار، ثم لا جدوى. لقد أحس الإمبراطور بازدياد معارضة الشعب الفرنسي لسلسلة حروبه التي لا تنتهي. لقد كانوا قد وافقوه على أن حروبه في الجبهة الشرقية كانت حروبا سبّبتها حكومات تتآمر لمحق الثورة وإبطال نتائجها لكنهم شعروا أن دماءهم قد استنزفت، واستاءوا على نحو خاص من الأموال التي تم إنفاقها في حرب البرتغال وأسبانيا.
لقد فهم نابليون هذه المشاعر وخشي أن يكون بصدد فقدان سيطرته على الأمة الفرنسية لكنه كما برّر في وقت لاحق لم يكن من الممكن ترك شبه جزيرة أيبيريا فريسة لكيد الإنجليز ومطامع البوربون ومؤامراتهم وطموحاتهم فإذا لم ترتبط أسبانيا بفرنسا رباطاً وثيقاً يؤمّنها لأصبحت تحت رحمة الجيوش البريطانية القادمة عبر البرتغال أو كاديز (قادش Cadiz) Cadiz، وسرعان ما تجمع إنجلترا الذهب والفضة المجلوبة من المستعمرات البرتغالية والأسبانية في أمريكا لتقدم منها بسخاء معونات لتمويل تحالف جديد ضد فرنسا، مما يقتضي مزيداً من المعارك، مارينجو Marengos أخرى وأوسترليتز Austerlitzes أخرى وجينا (يينا Jenas) أخرى .. إن إحكام الحصار الأوروبي المضاد على البضائع البريطانية هو وحده الذي يجعل تجار لندن يطلبون السلام.
وترك نابليون حاميات على بعض الحصون تحسباً لأية مفاجآت نمساوية أو بروسية، وأمر ١٥٠،٠٠٠ مقاتل من جيشه الأساسي (الجيش العظيم) بعبور جبال البرانس والانضمام إلى قوات أخيه جوزيف البالغ عددها ٦٥،٠٠٠ كانت تتجمع في هذه الأثناء في فيتوريا Vitoria. وغادر هو نفسه (نابليون) باريس في ٢٩ أكتوبر ومعه خطة المعركة التي كان قد رسمها فعلاً. وكان الجيش الأسباني يحاول تطويق قوات جوزيف، فأرسل نابليون تعليمات إلى أخيه (جوزيف) أن يتجنب خوض معركة وأن يترك العدو يتقدم منتشراً في نصف دائرة حتى تكون قواته غير ذات عمق.
وعندما اقترب نابليون من فيتوريا نشر جانبا من قواته في جبهة مستعرضه لمهاجمة قلب الجيش الأسباني، فانكسر وولّى الأدبار واستولت