للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقطع من باريس أميالاً كثيرة للقائهم ومرافقتهم. وفي ١٤ يوليو سنة ١٧٩٠ دخلوا ساحة دي مارس الآنف ذكرها في موكب مهيب؛ خمسون ألفا من الأقوياء أعلامهم ترفرف وفرقهم الموسيقية تعزف وحناجرهم تدوي بالأغاني القوية، وثلاثمائة ألف من الباريسيين المثيرين للخيال يصاحبونهم.

ورتل الأسقف تاليران بيريجور Talleyrand-Perigord ولم يكن قد طرد من رحمة الكنيسة بعد القداس، واعتلى مئتان من الأساقفة والقسس المذبح وأقسموا اليمين، وتعهد الملك بطاعة القوانين الجديدة بكل ما وسعه من جهد وصاحت الجموع "عاش الملك" وعندما أطلق المدفع طلقات التحية رفع آلاف الباريسيين ممن لم يتمكنوا من الحضور- أيديهم في اتجاه ساحة دي مارس Champ de Mars وأقسموا يمين الولاء. وجرت في كل مدينة فرنسية تقريبا مهرجانات مشابهة وشارك الجميع في تناول النبيذ والطعام وتعانق القسس الكاثوليك والبروتستانت كما لو كانوا مسيحيين على مذهب واحد. كيف يمكن لأي فرنسي أن يتشكك في أن عصرا جديداً مجيدا قد بزغ فجره؟

٧ - ميرابو يدفع ديونه Mirabeau: في ٢ أبريل ١٧٩١ م

كان رجل واحد وامرأة واحدة يمكنهما التشكك في بزوغ هذا الفجر الجديد. فبالنسبة للويس وزوجته الملكة بدا التوليري The Tuileries منزلاً زجاجياً ترصد من خلاله الجماهير كل حركة يأتيان بها بموافقة صامتة أو إدانة طال أمدها. وفي ٣١ أغسطس سنة ١٧٩٠ تمرد فوج سويسري كان في خدمة الملك في نانسي Nancy بسبب تأخر الرواتب والمعاملة المتسمة بالاستبداد. وأطلق الحرس الوطني النار على بعض المتمردين وتم إرسال بعضهم إلى السفن، كما جرى شنق بعضهم. وتجمع أربعون ألف باريسي عند سماعهم بذلك وهددوا القصر الملكي واتهموا لافاييت ولاموا الملك بسبب ما أسموه "مذبحة نانسي" وطالبوه بإقالة وزرائه. وبهدوء غادر نكر Necker في ١٨ سبتمبر سنة ١٧٩٠ ليعيش مع أسرته في كوبيت Coppet على ضفاف بحيرة جنيف، ونصح لافاييت الملك بتهدئة باريس بقبوله للدستور. وعلى أية حال فقد كانت الملكة مرتابة في مبدأ التخطيط لجعلها سلطة محركة للعرش، لذا فقد عبرت بوضوح عن بغضها بأن يترك البلاط ويترك لميرابو