وأصيب عضو منهم بأزمة ضغط مرتفع ومات في الغد. ودعا المديرون ووزراء الحكومة إلى المحاكمة أمام المجلس. فحكم على جون ايزلابي، وزير الخزانة، بالسجن في برج لندن، وصودرت ممتلكات المديرين- منهم إدوارد جبون، جد المؤرخ- فلم يترك لهم سوى عشرة في المائة من ثروتهم. ولوحظ أن السير جون بلاونت، الذي كان من أوائل منظمي الشركة، ومن أول من بدأوا ببيع أسهمهم، كان رجلاً "ذا مسلك غاية في التقوى" وكان "دائماً يهاجم ما يشين العصر من سرقة وفساد" ويندد بجشع الأغنياء (٣٤).
أما روبرت ولبول الذي برر الحدث تنبؤاته، فقد أشار بالاعتدال في روح الثأر الذي اتسم به رد الفعل، وخفف من انهيار الشركة بإقناع مصرف إنجلترا وشركة الهند الشرقية بامتصاص نحو ١٨. ٠٠٠. ٠٠٠ جنيه من الأسهم الخاسرة. وقد وجد في شركة بحر الجنوب من الاحتياطيات ما يسمح بدفع ثلاثة وثلاثين في المائة لحملة أسهمها في وقت مبكر. وجردت الشركة من امتيازاتها وسحرها، ولكنها كانت تكسب من بيع العبيد، فظلت على قيد الحياة، في حيوية هابطة حتى عام ١٨٥٣.
[٢ - مظاهر الحياة في لندن]
يقدر الإحصائيون الأجرياء سكان أوربا بنحو ١٠٠ مليون نسمة في ١٦٥٠، و١٤٠ في ١٧٥٠. وقد قدر فولتير في ١٧٥٠ سكان فرنسا بعشرين مليوناً، وألمانيا والنمسا باثنين وعشرين، وبريطانيا العظمى وأيرلندة بعشرة، وروسيا الأوربية بعشرة، وأسبانيا والبرتغال بثمانية، وبولندة بستة، وخص كلاً من تركيا وأوربا، والسويد، والدنمرك (مضافاً إليها النرويج) والأقاليم المتحدة، بثلاثة ملايين (٣٥). وذهب قانوني ألماني إلى أن الزيادة في سكان شمالي أوربا مردها إلى حد كبير انتقال الرهبان والراهبات من حياة العزوبة إلى الأبوة والأمومة نتيجة لحركة الإصلاح البروتستنتي، وحض على "إقامة تمثال للوثر بوصفه حافظ النوع الإنساني"(٣٦). ولكن علينا ألا نغالي في عفة رهبان العصر الوسيط. وأغلب الظن أن زيادة