وفي ١٧٨٢ أصيب بالنقطة، ثم شفي شفاء جزئياً من إصابته. وواصل التصوير سبع سنين أخرى. ثم غامت عينه اليسرى، وسرعان ما فقدت البصر. وفي ١٧٨٩ بدأت اليمنى في الضعف، فوضع فرشاته، وقد ملأه جزعاً وقنوطاً أن يضاف العمى الكامل تقريباً إلى نصف الصمم الذي ألحأه منذ سنته السابعة والعشرين إلى استعمال بوق الأذن. وفي ١٠ ديسمبر ١٧٩٠ ألقى آخر أحاديثه. وقد أعاد تأكيد إيمانه بالمبادئ الأكاديمية والمحافظة التي نادى بها في أحاديثه القدم عهداً، وجدد نصيحته بدرس الخط على اللون، والمصورين القدامى قبل محاولة التجديد. ثم اختتم بالثناء الحار على ميكل أنجيلو:
"لو أتيح لي الآن أن أبدأ الحياة من جديد، لاقتفيت خطى ذلك الفنان العظيم، فلثم هدب ثوبه، والتقط الطفيف من مواطن كماله، فيه فخر وامتياز كافيان لرجل طموح … ويخيل إلي، في شعور لا يخلو من الغرور، أن هذه الأحاديث تشهد بإعجابي بهذا الرجل الملهم حقاً، وأود أن تكون آخر كلمة أفوه بها في هذه الأكاديمية ومن هذا المكان، هي اسم ميكل أنجيلو"(٤٦).
وتوفي المصور الآسف في ٢٣ فبراير ١٧٩٢، وشرف تسعة نبلاء بحمل رفاته إلى كاتدرائية القديس بولس.
[٥ - ثوماس جينزبرو]
كان رينولدز رجل دنيا، لا يتردد في تقديم فروض الاحترام التي يقتضيها قبوله في المجتمع، أما جينزبرو فكان ذا نزعة فردية حارة، تسخطه التضحيات التي تطالب بها شخصيته وفنه ثمناً للنجاح. وكان أبواه من المنشقين على الكنيسة الرسمية، وورث توماس عنهما استقلال الروح دون أن يرث التقوى. وتروي القصص عن هروبه من المدرسة في مسقط رأسه صدبري ليجوب أرجاء الريف راسماً رسوماً تخطيطية للشجر والسماء، وللماشية ترعى في الحقول أو تشرب عند البركة. فلما فرغ من رسم جميع الأشجار في منطقته وهو بعد في الرابعة عشرة، حصل على إذن من أبيه