الحب غير جديرة بالفيلسوف. والحب الجسمي بين الرجل والرجل أو بين المرأة والمرأة مناف للطبيعة ويجب قمعه لأنه يعطل التناسل (١١٥). وقمعه مستطاع بالسمو به إلى المرحلة الثانية أي المرحلة الروحية من مراحل الحب: ففي هذه المرحلة يحب الرجل الكبير السن الشاب لأن وسامته رمز للجمال الطاهر السرمدي، والشاب يحب الشيخ لأن حكمته تيسر له سبيل الفهم والشرف. ولكن أسمى أنواع الحب هو "حب الاستحواذ على الخير الأبدي" وهو الحب الذي يسعى وراء الجمال المطلق للأفكار أو الأشكال الكاملة السرمدية (١١٦). وهذا النوع لا العاطفة غير الجسمية بين الرجل والمرأة هو "الحب الأفلاطوني"، وهو النقطة التي يتحدث عندها أفلاطون الشاعر مع أفلاطون الفيلسوف في الرغبة القوية في الفهم، وتكاد هذه الرغبة أن تكون شغفاً صوفياً بما في القانون وما في بناء العالم وحياته وغايته من نور النعيم الباهر.
"لأن أديمنتس، الذي لا يتحول عقله عن الوجود الحق لا يجد لديه وقتاً يطل فيه على شئون الناس، أو يمتلئ فيه قلبه حسداً وغُلاً من النزاع معهم؛ ذلك أن عينه تتجه على الدوام نحو المبادئ الثابتة التي لا تتبدل، وهي التي لا يؤذي بعضها بعضاً، بل يراها كلها تتحرك في نظام حسب قوانين العقل؛ فهو يحذو حذو هذه المبادئ، وعلى مثالها يشكل حياته قدر المستطاع"(١١٧).
[٥ - الطوباوي]
ولكنه مع هذا يهتم بشئون الناس، وتتمثل أمام ناظريه رؤيا اجتماعية أيضاً، ويحلم بوجود مجتمع خالٍ من الفساد والفقر والظلم والحروب. وقد روعته ما كان يسود أثينة من انقسامات حزبية مريرة "وشقاق، وعداء، وحقد، وريبة، لا تكاد تخبو نارها حتى تعود إلى الاشتعال"(١١٨). وكان يحتقر ألجركية المال كما يحتقرها جميع النبلاء أبناء الأسر الشريفة ذات المجد التليد،