الديني والتصوف - الإسلام - المسيحية - وأسباب إخفاقها في الصين
لم يقم المجتمع الصيني على العلم بل قام على خليط فذ عجيب من الدين والأخلاق والفلسفة. ولم يشهد التاريخ شعباً من الشعوب أشد من الشعب الصيني استمساكاً بالخرافات، أو أكثر منه تشككاً أو أعظم منه تُقى، أو أكثر انصياعاً لحكم العقل أو أقوى منه دنيوية. ولم توجد على ظهر الأرض أمة تماثل الأمة الصينية في التحرر من سيطرة الكهنة، ولم يسعد قوم غير الهنود بآلهتهم أو يشقوا بها بمثل ما سعد بهم الصينيون أو شقوا. ولسنا نستطيع أن نفسر هذه المتناقضات إلا بأن نعزو لفلاسفة الصين نفوذاً لا نظير له في التاريخ، وأن نقر بما في فقر الصين من معين للأماني الخالية لا ينضب.
ولم يكن دين سكان الصين البدائيين يختلف بوجه عام عن دين عبدة الطبيعة، وأهم عناصره الخوف من الطبيعة وعبادة الأرواح الكامنة في جميع نواحيها، وإجلال شعري لما على الأرض من صور رهيبة وما فيها من قدرة عظيمة على الإنتاج والتوالد، وخشية السماء وعبادتها وإجلال ما فيها من شمس منعشة وأمطار خصبة كانوا يعدونهما عنصراً من عناصر الوئام والارتباط بين ما على الأرض من حياة وما في السماء من قوى خفية، فكانوا يعبدون الريح والرعد والأشجار والجبال والأفاعي؛ ولكن أعظم أعيادهم كانت تقام لمعجزة النماء، وكان