عاد قيصر إلى رومه في خريف عام ٤٦ بعد أن نصب سلست والياً على نوميديا، وأعاد تنظيم ولايات أفريقيا. وأوجس مجلس الشيوخ خيفة من هذه العودة، وأدرك أن البلاد مقبلة على الحكم الملكي المطلق، فاختاره حاكماً بأمره مدة عشر سنوات. واحتفلت رومه بعودته احتفالاً لم تشهد له مثيلاً من قبل، وكافا قيصر كل جندي من جنوده بخمسة آلاف درخمة أتيكية (حوالي ثلاثة آلاف ريال أمريكي)، أي أكثر كثيراً مما كان قد وعدهم به، وأولم وليمة كبرى للمواطنين الرومان احتوت على اثنين وعشرين ألف مائدة. وأعد لتسليتهم معركة بحرية صورية، اشترك فيها عشرة آلاف رجل. ثم غادر رومه إلى أسبانيا في أوائل عام ٤٥ وهزم آخر جيش من جيوش بمبي عند مندا Munda.
ولما عاد إلى رومه في شهر أكتوبر وجد إيطاليا كلها تسودها الفوضى. ذلك أن الحكم الألجركي الفاسد، والثورات التي دامت مائة عام كاملة، قد أشاعا الاضطراب والفوضى في الأعمال الزراعية والصناعية والمالية والتجارية. أضف إلى هذا أن استنزاف موارد الولايات، وحبس رؤوس الأموال، وزعزعة أركان الاستثمار، أدت كلها إلى اضطراب سوق المال. هذا إلى أن آلاف الضياع قد حل بها الخراب، لأم مائة ألف من الرجال سيقوا من الأعمال المنتجة إلى ميادين القتال، وأن آلافاً مؤلفة من الزراع أرغمتهم منافسة الحبوب المستوردة من خارج البلاد أو التي تنتجها الضياع الكبرى التي يعمل فيها العبيد على الانضمام إلى صعاليك المدن والاستماع وبطونهم خاوية إلى الوعود التي يمنيهم بها الزعماء المهرجون. وأخذ من أبقت عليهم رحمة قيصر من الأشراف