والتقى في اليوم السادس من شهر إبريل سنة ٤٦ ق. م بقوى متلس سبيو Metellus Scipio في ثبسوس ولبينس Labienus وجوبا الأول Juba ١ ملك نوميديا مجتمعة. وخسر المعركة الأولى في هذه المرة أيضاً، ولكنه فعل ما فعله من قبل، فأعاد تنظيم صفوفه وهجم بها على عدوه وانتصر عليه. ولامه جنوده المتعطشون للدماء على ما أظهره من رأفة بأعدائه في فرسالس، واعتقدوا أنه لولا هذه الرحمة لما اضطروا إلى قتال هؤلاء الأعداء مرة أخرى، ولذلك قتلوا من جنود بمبي الثمانين ألفاً نحو عشرة آلاف ولم تأخذهم بهم رأفة، لأنهم لم يريدوا أن يلتقوا بهؤلاء الجنود مرة أخرى في ميدان القتال. وانتحر وفر سبيو ومات في مناوشة بحرية، وهرب كاتو ومعه سرية من جنوده إلى بُتِكا.
ولما اقتفى أثره وأراد الضباط أن يصدوه عن المدينة، أقنعهم كاتو بأنه لا جدوى من عملهم هذا، وأعد المال لمن أرادوا القتال، ولكنه أشار على ابنه بالاستسلام لقيصر. أما هو نفسه فقد رفض كلتا الخطتين، وقضى السهرة في بحوث فلسفية. ثم آوى إلى حجرة نومه، وقضى شطراً من الليل يقرأ فيدون Phaedo لأفلاطون. وأيقن أصدقاؤه أنه سيقتل نفسه فأخذوا سيفه من جانبه. فلما غفلت أعينهم أمر خادمه أن يأتيه بالسيف، وتظاهر بالنوم ساعة من الليل، ثم قام وأمسك بسيفه وبقر به بطنه؛ وهرول إليه أصدقاؤه، وأعاد الطبيب أحشاءه إلى بطنه، وخاط الجرح، وضمده، ولكنهم لم يكادوا يخرجون من الحجرة حتى رفع كاتو الضمادات عن الجرح وأعاد فتحه وأخرج منه أحشاءه، وقضى نحبه.
ولما جاء قيصر كان أشد ما أحزنه أن لم تتح له الفرصة للعفو عن كاتو، وأن كل ما يستطيع أيفعله عن ولده.
وشيع أهل يُتِكا الرواقي المنتحر في مشهد حافل كأنهم يعرفون أنهم يدفنون معه جمهورية كادت تبلغ من العمر خمسة قرون.