يحتفلون بذكرى كاتلين وينثرون الأزهار مرة أخرى على قبره. وكان جيش بمبي في إفريقيا قد ازداد عدده حتى أضحى في قوة الجيش الذي هزم في فرسالس. وكان سكستس Sextus بن بمبي قد أنشأ في أسبانيا جيشاً جديداً، وتعرضت إيطاليا مرة أخرى لخطر انقطاع الحبوب عنها. تلك هي الأحوال التي كانت قائمة في شهر أكتوبر من عام ٤٧ حين عاد قيصر إلى رومه والى زوجته كلبيرنيا calpurnia ومعه كيلوبطرة وأخوها- زوجها الغلام وقيصرون.
وشرع في الأشهر القليلة التي أتيحت له بين الحروب يعيد النظام إلى رومه. ولما عين حاكماً بأمره من جديد استرضى المتطرفين إلى حين بإلغاء القانون الأخير من قوانين صادرة، وألغي في رومه كل ما قل عن ألفي سسترس من أجر الأراضي. وحاول في الوقت نفسه أن يهدئ مخاوف المحافظين فعين ماركس بروتس حاكماً على بلاد غالة الجنوبية. وأكد لشيشرون وأتكس أنه لن يثير حرباً على نظام الملكية، وأمر بإعادة تماثيل صلا التي حطمها الرعاع. ولما وجه أفكاره نحو بمبي وأنصاره ساءه وثبط من همته أن يسمع أن أكثر جنوده ولاء له قد ثاروا عليه، لأنهم لم يتسلموا مرتباتهم من زمن بعيد وأنهم يرفضون الإنجاز إلى أفريقيا. وكانت خزائن الدولة وقتئذ خاوية أو شبه خاوية، فجمع ما يحتاجه من المال بمصادرة أموال الأشراف الذين خرجوا عليه وبيعها. ولما سئل في ذلك قال غنه قد تعلم أن الجند يعتمدون على المال، وان المال يعتمد على القوة، والقوة تعتمد على الجند. ثم ظهر فجاءة بين الجنود المتمردين، وجمعهم حوله وقال لهم في هدوء إنه قد سرحهم، وإن في مقدورهم أن يعودوا إلى منازلهم، وإنه سيؤدي إليهم كل ما تأخر من رواتبهم بعد أن يتم له النصر في أفريقيا على يد "غيرهم من الجنود".
ويقول أبيان إنهم "لما سمعوا هذا القول استولى عليهم الخجل جميعاً لأنهم تخلوا عن قائدهم في الساعة التي يحيط به العدو من كل جانب .. فصاحوا بأنهم نادمون على خروجهم عليه، وتوسلوا إليه أن يحتفظ بعم في خدمته"(٥١) فأجابهم إلى ما طلبوا في إباء ساحر، وأبحر بهم إلى أفريقيا.