كان ظهور المرأة في المجتمع من أبهج مظاهر ذلك العصر؛ وكانت مكانتها في التاريخ ترتفع في العادة كلما زاد الثراء وإن استثنينا من ذلك حالها في البلاد الشديدة القرب من الشرق في أيام بركليز. ويرجع السبب في ارتفاع منزلة المرأة كلما زاد الثراء إلى أن الرجل إذا لم يعد يخشى الجوع ولى وجهه نحو المرأة؛ وأنه إذا ما ظل يسخر حياته لطلب المال فإنما يفعل ذلك ليضعه بين قدمي المرأة، أو بين يدي الأطفال الذين جاءت له بهم، وإذا قاومته تصورت له في صورة المثل الأعلى؛ وقد أوتيت في العادة من الحصافة ما يجعلها تقاومه، وتتقاضى منه أعلى ثمن نظير النعمة التي يغمر بهاؤها مشاعره إذا ما فكر فيها، وإذا ما جمعت إلى مفاتنها الجسمية محاسن عقلها وخلقها، وهبته أعظم ما يطمع فيه من السعادة التي لا يسمو عليها إلا ما يطمع فيه من المجد وخلود الذكر، وهو في نظير هذا يرفع منزلتها حتى تصبح مالكة حياته المسيطرة عليها.
على أننا لا ينبغي أن نظن أن هذه المكانة العليا كانت هي نصيب المرأة العادية في عصر النهضة، فالواقع أنه لم ينلها إلا قلة من النساء المحظوظات؛ أما الكثرة الغالبة منهن فكن يخلعن ثياب العرس ليحملن أعباء المنزل ومتاعب الأسرة حتى يوارين الثرى: وليستمع القارئ إلى برنرد ينو يحدد الوقت المناسب لضرب الزوجة:
"وأوصيكم أيها الرجال ألا تضربوا زوجاتكم وهن حاملات فإن في ذلك أشد الخطر عليهن. ولست أعني بهذا أنكم يجب ألا تضربوهن أبداً؛ ولكن الذي أعنيه أن تختاروا الوقت المناسب لهذا الضرب … وأنا أعرف