رجالا يهتمون بالدجاجة التي تضع بيضة في كل يوم أكثر من اهتمامهم بأزواجهم. فقد تكسر الدجاجة أحياناً وعاء أو قدحاً، ولكن الرجل لا يضربها خشية أن يفقد بذلك البيضة التي يحصل عليها منها، إذن فما أشد جنون الكثيرين من الرجال الذين لا يطيقون سماع كلمة من زوجاتهم اللائي يأتين لهن بهذه الثمار الطيبة! ذلك أن الواحد منهم إذا سمع من زوجته كلمة يرى أنها نابية، عمد من فوره إلى عصا وشرع يضربها بها، أما الدجاجة التي لا تنقطع عن الوقوقة طول النهار فإنه يصبر عليها من أجل بيضتها (٥٢) ".
وكانت الفتاة من الأسر العريقة تدرب عادة على النجاح في الحصول على الزوج الثري والاحتفاظ به، وكان هذا التدريب أهم مادة في منهج تعليمها. وكانت تبقى إلى ما قبل زواجها بضعة أسابيع في عزلة إلى حد ما إما في دير أو في منزل أبويها، تتلقى من معلميها أو من الراهبات تعليما لا يقل درجة عما يتلقاه جميع من في طبقتها من الرجال إذا استثنينا منهم العلماء. وكانت في العادة تتعلم شيئاً من اللغة اللاتينية، وتدرس إلى حد ما كبار الشخصيات في تاريخ اليونان والرومان، وآدابهم، وفلسفتهم.
وكانت تعزف على بعض الآلات الموسيقية، وتمارس أحياناً فن النحت والتصوير. وكان بعض النساء يبلغن منزلة العلماء، ويناقشن علناً بعض المسائل الفلسفية مع الرجال؛ ومن هؤلاء كسندرا فيديلي من نساء البندقية؛ ولكن أمثالها كن من الشواذ النادرات الوجود. وكان عدد لا بأس به منهن يقرض الشعر الجيد مثل قسطندسا فارانا Contanza Varana، وفيرونيكا جمبارا Veronica Gambara، وفتوريا كولنا. غير أن المرأة المتعلمة في عصر النهضة ظلت محتفظة بأنوثتها، وعقيدتها المسيحية وما توجبه عليها هذه العقيدة من القانون الأخلاقي؛ وكان احتفاظها بهذه الصفات يهبها وحدة في الثقافة والخلق يعز على رجل النهضة الراقي أن يقاومها.
ذلك أن الرجل المتعلم في ذلك العصر كان يحس بجاذبيتها أشد الإحساس،