لقد كان مقتل قيصر مأساة من مآسي التاريخ الكبرى، وليس السبب في عظم هذه المأساة مقصوراً على أنها حالت بينه وبين إتمامه عملاً من أجل الأعمال السياسية والإدارية، وأدت إلى امتداد عهد الفوضى والحروب خمسة عشر عاماً أخرى. ولو كانت نتائجها مقصورة على هذا وذاك لهان الخطب، فقد عاشت الحضارة بعده، وأتم أغسطس ما بدأه قيصر، بل إنه مأساة من نوع آخر وهو أن الحزبين المتعارضين في مجلس الشيوخ كان كلاهما في أغلب الظن على حق: فالمتآمرين محقون في اعتقادهم أن قيصر كان يعتزم أن ينصب نفسه ملكاً، كما أن قيصر نفسه كان محقاً في ظنه أن الفوضى والنظام الإمبراطوري قد جعلا الملكية أمراً محتوماً. وقد انقسم الناس بين الرأيين ولا يزالون منقسمين منذ اللحظة الرهيبة التي مرت بمجلس الشيوخ، وقد استولى عليه الهلع من وقع الحادث، ثم فر أعضاؤه مذعورين مضطربين من قاعة الاجتماع. وأقبل أنطونيوس على مكان الحادث بعد وقوعه، ورأى أن الحكمة هي عين الشجاعة، فاحتمى في بيته. وخانت شيشرون فصاحته حتى