وسلكته الكنيسة بعد سبع وعشرين سنة من موته في عداد القديسين. وظل الناس بعد وفاته أجيالاً وقروناً يرون أن حكمه هو العصر الذهبي في تاريخ فرنسا، ويعجبون كيف لا تتيح الأقدار التي لا يفقهون تصريفها لأمور البشر ملكاً آخر لفرنسا يماثله. ذلك أنه كان ملكاً مسيحياً بحق.
[٣ - فيليب الجميل]
زادت الحروب الصليبية من قوة فرنسا، وكان لها شأن كبير. وأكسبها طول حكم فليب أغسطس ولويس التاسع استقراراً واتصالاً في الحكم في الوقت الذي كانت فيه إنجلترا تعاني الأمرين من إهمال رتشرد الأول، واستهتار جون، وعجز هنري الثالث، وكانت في ألمانيا مفككة الأوصال من أثر الحروب الناشبة بين الأباطرة والبابوات، فلم يحل عام ١٣٠٠ حتى كانت فرنسا أقوى دول أوربا كلها.
وكان فليب الرابع يلقب بالجميل Ie Bel لجمال جسمه ووجهه، لا لدهائه السياسي وجرأته وقسوة قلبه. وكان ذا آمال واسعة: كان يأمل أن يخضع كل الطبقات- الأشراف، ورجال الدين، وأهل المدن، وأرقاء الأرض- لحكم القانون وسيطرة الملك مباشرة، وأن يقيم نماء فرنسا وتقدمها على أساس التجارة والصناعة لا الزراعة، وأن يمد حدودها إلى المحيط الأطلنطي، وجبال البرانس، والبحر المتوسط، وجبال الألب، ونهر الرين. ولم يختر أعوانه ومستشاريه من كبار رجال الدين والأشراف الذين ظلوا يخدمون ملوك فرنسا طوال الأربعة القرون الماضية، بل اختارهم من طبقة المحامين الذين أقبلوا عليه وعقولهم مفعمة بالأفكار الاستعمارية التي أوحى إليهم بها القانون الروماني. فكان بيير فلت Pierre Flotte وجيوم ده نورجاريه Guilluame de Nogaret من ذوي العقول النابهة الذين لا يبالون بالمبادئ الأخلاقية أو السوابق؛ وشاد فليب بفضل توجيههم صرح القانون الفرنسي، وأحل الشريعة الملكية محل