١٢٦٨ أول الأوامر العالية التي قيد بها حق البابا في تعيين أصحاب المناصب الدينية وجباية الضرائب في فرنسا:"تقرر أنه لا يجوز لأحد أن يفرض أو يجبى بأية طريقة كانت فروضاً أو ضرائب مالية فرضتها محكمة روما … إلا إذا كانت القضية معقولة، متفقة مع أصول الدين، وعاجلة جداً … ونالت موافقتنا الصريحة من تلقاء أنفسنا، وموافقة كنيسة مملكتنا"(١).
وقد بقي لويس الملك على الدوام رغم زهده وميوله الدينية؛ ولقد حافظ على جلال الملك حتى ساعة أن ظهر واقفاً على قدميه، ومرتدياً ثياب الحاج، وبيده عصا الحاج ليبدأ حربه الصليبية الأولى (١٢٤٨). وهو صاحب "الجسم الرفيع" النحيل، والوجه الشبيه بوجوه الملائكة الأطهار، والمحيا المليء بشراً وسماحة" (٨١) كما يصفه فراسلمبين Fra Salimbene. وقد بكت الملكة بلانش وهو يفارقها بعد أن أنابها عنه في البلاد وإن كانت في سن الستين وقالت:"يا أحب الأبناء وأجملهم، يا أجمل الأبناء وأرقهم قلباً، إني لن أراك بعد اليوم"(٨٢). وأسر لويس في مصر، وظل في الأسر حتى افتدي بمبلغ من المال جمعته بلانش بعد عناء كبير، ولكنه لما عاد إلى فرنسا مهزوماً ذليلاً وجد أن أمه قد توفيت. ثم أقدم في عام ١٢٧٠ رغم ضعفه ومرضه على حرب صليبية أخرى ونزل هذه المرة في تونس. ولم تكن هذه مغامرة جنونية سخيفة كما بدت للناس بسبب خيبتها. ذلك أن لويس قد سمح لأخيه شارل دوق أنجو أن يقود جيشاً فرنسياً إلى إيطاليا، وكان يبغي من وراء هذا أن يضعف سيطرة الألمان عليها، ويرجو أن يتخذ صقلية قاعدة تغزو بها فرنسا بلاد تونس، وبعد أن وصل المحارب العظيم المحطم الجسم الصغير السن إلى أرض تونس، مات بزحار البطن.
(١) ملمان Milman في ص ١١٩ من المجلد السادس من كتاب "تاريخ المسيحية اللاتينية History of Latin Christianiy". والرأي السائد أن هذا القرار صحيح من الوجهة التاريخية (٨٠)، ولكن ربما كان المدافعون عن فليب الرابع قد اخترعوه من عندكم ليكون سلاحاً يشهرونه في وجه بنيفاس الثامن. أنظر دائرة المعارف الكاثوليكية في اسم لويس التاسع.