والصوم الكبير. وبلغ من تمسكه بشعائر الدين أن كان معظم رعاياه يبتسمون من تقواه ويلقبونه "الأخ لويس". وقالت له امرأة جريئة:"إن من الخير أن يكون في مكانك ملك غيرك، فلست أنت إلا ملك الفرنسسكان والدمنيكان … إن من العار أن تكون أنت ملك فرنسا، ومن أعجب العجائب ألا يخلعوك". فأجابها لويس بقوله:"لقد قلت حقاً … فلست خليقاً بأن أكون ملكاً .. ولو أراد منقذنا لوضع في مكاني رجلاً غيري يعرف خيراً مني كيف يحكم المملكة"(٧٧).
وكان شديد التحمس لخرافات أهل زمانه ويشاركهم فيها. من ذلك أن دير القديس دنيس كان يدعي أن لديه مسماراً من الصليب الحق، وحدث أن وضع المسمار في غير موضعه بعد احتفال عرض فيه على الشعب؛ فثارت لهذا الحادث ضجة كبيرة، ثم وجد المسمار وارتاح الملك كثيراً لوجوده، حتى قال:"لقد كان خيراً لي من هذا أن تبتلع الأرض أحسن مدينة في ملكي"(٧٨). وفي عام ١٢٣٦ احتاج بولدون الثاني إمبراطور القسطنطينية إلى المال لينقذ دولته المتداعية، فباع للويس تاج الأشواك الذي لبسه المسيح في آلامه بأحد عشر ألف جنيه فرنسي (٢. ٢٠٠. ٠٠٠ ريال أمريكي). واشترى لويس من الدلال نفسه بعد خمس سنين من ذلك الوقت قطعة من الصليب الحقيقي، ولربما كان المقصود بهذا الشراء وذاك أن يكون المال هبة من لويس لدولة مسيحية تفرج به أزمتها. وأمر لويس بطرس المنتربلي Peter of Montreuil ليبنى سينت شابل Sainte Chapelle ليُودع فيها هذان الأثران.
ولم يكن لويس رغم صلاحه هذا أداة طيعة في أيدي رجال الدين، فقد كان يدرك ما في طبيعتهم البشرية من عيوب، ويعاقبهم عليها بالقدوة الطيبة والتقريع العلني (٧٩). وقد قيد سلطات المحاكم الكنسية، وبسط سلطة القانون على جميع المواطنين، سواء كانوا من رجال الدنيا أو من رجال الدين، وأصدر في عام