حيث لقى أسطوله ترحيباً ممن كانوا في الواقع فرنسيين، وطلب أن تكف أجراس الكنيسة عن القرع طالما كانت "سفن الله" في الميناء لأن أصواتها تقض مضجعة، وكان مطلبه قانوناً. واشترك مع أسطول فرنسي في الاستيلاء على نيس وفيلفرانش من الإمبراطور. وفي سن السابعة والسبعين اعتزل القرصان المنتصر الظافر تحيط به كل مظاهر الإجلال والتكريم، ليقضي نحبه في فراشه ١٥٤٦، وقد بلغ الثمانين.
وسقطت بونا ولاجولتا ثانية في أيدي المسلمين. ووصلت الإمبراطورية العثمانية من الجزائر إلى بغداد. ولم تجرؤ سوى دولة إسلامية واحدة على تحدي سيطرتها على العالم الإسلامي.
[٢ - فارس تحت حكم الصفويين]
١٥٠٢ - ١٥٧٦
إن بلاد فارس التي كانت قد نعمت بفترات كثيرة من الخصب الثقافي، كانت الآن تمر بحقبة أخرى من الحيوية السياسية والابداع الفني. وعندما أسس الشاه إسماعيل الأول الأسرة الصفوية (١٥٠٢ - ١٧٣٦) كانت فارس تعاني فوضى التمزق بين ملوك ضعاف، فكان العراق ويزد وسافان وفيروزكة ودياربكر وكاشان وخراسان وقندهار وبلخ وكرمان وأذربيجان، كلها ولايات مستقلة بعضها عن بعض. وفي حملات جبارة لا ترحم، غزا إسماعيل أمير أذربيجان معظم هذه الإمارات واستولى على هرة وبغداد، وجعل ثانية من تبريز عاصمة لمملكة قوية. ورحب الناس بهذه الأسرة من بني جلدتهم، تلك الأسرة التي تألق مجدها فيما أسبغت على البلاد من وحدة وقوة، وعبروا عما يختلج في نفوسهم ببعث جديد للفن الفارسي.
إن لارتقاء إسماعيل إلى الملك قصة لا تصدق، ذلك أنه كان في سن الثالثة عندما مات أبوه (١٤٩٠)، وفي الثالثة عشرة شرع يكسب لنفسه عرشاً، وفي نفس السن لبس التاج وصار شاه فارس. ويصفه المعاصرون