للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنهب لمدة يومين، حتى لا يتمردوا. فلقي آلاف من المسلمين حتفهم. ودمرت حصيلة قرون من الفنون في يوم أو يومين، وحرر الأرقاء المسيحيون وسط مظاهر الابتهاج، ووقع في براثن العبودية من بقى من السكان المسلمين. وأعاد شارل الأمير مولى حسن كحاكم تابع يؤدي له الجزية، وأبقى حامية في كل من بونا ولاجولتا، وعاد هو إلى أوربا.

فر بربروسه إلى القسطنطينية، وبنى بأموال من سليمان أسطولاً جديداً مكوناً من مائتي سفينة. وفي يولية ١٥٣٧ ألقت هذه القوات مراسيها في تارنتو، وضرب الحصار على العالم المسيحي ثانية. وتشكلت "العصبة المقدسة" من جديد من البندقية والبابوية والإمبراطورية، وجمعت مائتي سفينة بعيداً عن كورفو، وفي ٢٧ سبتمبر اشتبك الإسطولان المتصارعان في القتال عند مدخل خليج أمبراسيا، في نفس المياه التي التقى فيها أنطونيوس وكيلوباترة مع أكتافيوس في معركة أكتيوم. وكانت الغلبة لبربروسه، وأصبح مرة أخرى سيد البحار، وسار شرقاً واستولى في طريقه على ممتلكات البندقية في بحر إيجة واليونان بعضها إثر بعض، وأرغم البندقية على عقد لصلح منفرد.

وحاول شارل أن يكسب بربروسه للالتحاق بخدمته بما أغدق عليه من هدايا، وبما عرض عليه من أن يكون ملكاً نابعاً له على شمالي أفريقية، ولكن خير الدين آثر جانب الإسلام وإغراءه. وفي أكتوبر ١٥٤١ قاد شارل ودوريا حملة ضد الجزائر، ولكن جيش بربروسه أوقع بها الهزيمة في البر كما هبت عليها عاصفة مدمرة في البحر، ورد بربروسه على العدوان بالمثل، بالإغارة على كالابريا والنزول في أوستيا ثغر مدينة رومه، وارتعدت العاصمة الكبيرة في عقر دارها فرقاً، ولكن بول الثالث كان آنذاك على علاقات حسنة مع فرانسوا فعوض بربروسه، ادعاء بمجاملة حليفه عن كل ما أخذه من أوستيا نقداً، ورحل عنها في سلام (١). وابحر إلى طولون،