باعتبار هذه الزواج خضوعاً أو استسلاماً للكاثوليكية، قطعت يده اليمنى بأمر القاضي، فرفع جون الجدعة الدامية، ورفع بيده اليسرى قبعته، ثم هتف "لتحي الملكة (٣٨) " وقدم فيليب سدني إلى الملكة احتجاجاً على هذه الوحشية. واستشعر سيسل العار والخجل فعينه في منصب حكومي ذي راتب كبير وجهد يسير. وكان التعذيب غير مشروع، لكن محكمة قاعة النجم استخدمته، وإنا لنلاحظ أنه برغم أن آداب العصر كانت عميقة قوية، فإن المستوى العام لمدنية العصر لم يبلغ مستوى المدنية في إيطاليا أو أفنيون في عهد بترارك، وأقل كثيراً منه في روما على عهد أغسطس.
[٥ - في البيت]
بدأت الحياة الإنجليزية بمحاولة التغلب على مشكلة وفيات الأطفال، وكانت نسبتها عالية، وكان سير توماس براون من أعلام الطب، ومع ذلك مات ستة من أولاده العشرة في سن الطفولة (٣٩). ثم كانت الأوبئة، مثل "مرض العرق" ١٥٥٠، والطاعون الذي حل بالبلاد ١٥٦٣، ١٥٩٢ - ١٥٩٤، ١٦٠٣، ولا بد أن متوسط الأعمار كان منخفضاً، قدرته بعض الإحصاءات بثمان سنوات ونصف سنة (٤٠). وكبر الناس وإدراكهم الهرم بأسرع مما هو حادث الآن. أما الذين عمروا فهم الشجعان ذوو القدرة على الاحتمال الذين صلبت أعوادهم وقويت أعصابهم بمقارعة الموت، من اجل الخدع الحربية والأسلاب.
وكانت الرعاية الصحية آخذة في التحسن. وبدأ الصابون يكون ضرورياً بعد أن كان ترفاً. وحوالي ١٥٩٦ ابتدع سيرجون هانجتون مرحاضاً فيه ماء جار. وكانت الحمامات الخاصة قليلة. واستخدمت معظم الأسرات حوضاً خشبياً موضوعاً أما نار مكشوفة. وكان في كثير من المدن حمامات عامة. وهيأ Bath and Buxton للطبقة العليا منشئات أنيقة للاستحمام. وقدمت "الدفيئات" ( Hot Itouses) حمام البخار، وقدمت التسهيلات للأكلات واللقاءات الغرامية غير المشروعة، وزودت بيوت الميسورين دون غيرهم بموارد مياه خاصة بهم في منازلهم، أما معظم الأسرات فكانت تلتمس الماء من قنوات عامة مفتوحة على ينابيع مزخرفة.