للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنيت البيوت في القرى والمدن من الآجر والجص، تحت سقوف من القش، ولا يزال كوخ آن هاثاواي بالقرب من ستراتفورد- أون- أفون، محتفظاً به في حالة جيدة، كنموذج لهذه المساكن. أما في المدن الكبرى فكانت البيوت متلاصقة عادةً، واستخدم في بنائها قدر أكبر من الآجر والحجر، وكان لها سقوف من القرميد، وكانت المشربيات المقسمة بأعمدة من الحجر والأدوار العليا الناتئة تلفت أنظار الذين لم يألفوا رؤيتها. وكانت البيوت من الداخل مزدانة بالنقوش والعمدة. وكانت المدفأة تضفي على الغرفة الرئيسية أو القاعة الكبرى جلالاً وتزودها بالدفء، كما كان السقف-من الخشب أو الجص- يقسم إلى رسوم متماثلة أو غريبة. وكانت هناك المداخن التي تنفث الدخان إلى الخارج، وكان من قبل يلتمس له منفذاً من ثقب في السقف. وكانت المواقد تساعد على تدفئة البيت. وكانت النوافذ الزجاجية شائعة آنذاك. ولكن ظلت الإضاءة في الليل بالمشاعل أو الشموع. وغطيت أرضية البيوت بالأسل والأعشاب ذات الرائحة الزكية عندما تكون طازجة، ولكنها لا تلبث أن تصبح كريهة الرائحة، وتؤوي الحشرات. وجاء السجاد بعد ذلك بخمسة وأربعين عاماً. وكانت الجدران تزدان بالأقمشة المزركشة بالصور والرسوم. مما مهد الطريق لرسم اللوحات، في عهد شارل الأول. واستخدم معظم الناس المقاعد الطويلة لشخصين أو أكثر والكراسي ذوات الأرجل الثلاث، أما الكرسي ذو الظهر فكان ترفاً اختص به الضيف الكريم أو رب البيت أو ربته، ومن هنا جاء التعبير "يأخذ الكرسي ذا الظهر" بمعنى "يترأس المجلس"، وفيما عدا هذا كان الأثاث متيناً رائعاً. فكانت، صواوين المائدة (البوفيه) والمنضدة وخزائن النفائس (دولاب الفضية) والصناديق الثمينة والأسرة ذوات القوائم العالية تصنع وتحفر من خشب الجوز أو البلوط، لتعمر قروناً طويلة. وكان السرير المزود بحشايا سميكة من الريش، وبأغطية حريرية (ناموسية)، يتكلف ألفاً من الجنيهات، ويعتبر شيئاً ثميناً يزهو به أهل البيت ويتوارثونه جيلاً بعد جيل. وخلف البيت أو حوله، في كل الطبقات تقريباً، كانت توجد حديقة زاخرة بالأشجار والشجيرات، تهيئ لهم الظل، وتمدهم بالأزهار التي اعتاد النساء أن