للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوماً بعد يوم، حتى لم يكد عقله يجد في جسمه مجالاً أو حيزاً لتفكيره. وفي ١٣ أكتوبر ١٧١٥ فاضت روحه وهو نائم.

وخبت جذوة شهرته وشيكاً بعد موته، لأن فلسفته الدينية لم تنسجم مع تشكك وصاية العرش وعربدتها، كما أنها كانت أقل انسجاماً مع النزعة الناشئة عند الفلاسفة لإحلال "ماكينة" العالم محل العناية الإلهية. ولكن تأثيره ظهر في محاولة ليبنتز لإظهار أن الواقع هو أفضل عالم ممكن، من وجهة نظر باركلي أن الأشياء موجودة فقط في إدراكنا الحسي أو في أدراك الله، وفي تحليل هيوم المدمر لسبب أو العلة باعتبارها صفة خفية مستترة، وفي توكيد كانت على العناصر الذاتية في تكوين المعرفة، حتى في نظرية الجبرية في عصر الاستنارة. فإن القول بأن الله هو السبب الوحيد في كل الحركات والرغبات والأفكار، لا يختلف كثيراً عن القول بأن كل تغيير في المادة أو في العقل نتيجة لا مناص منها للقوى التي تعمل في الكون تلك اللحظة. وفي ساعة نشوة كان مالبراش قد اقترب-ولو أنه أنكر ذلك-من جبرية جعلت من الإنسان آلة ذاتية الحركة (إنساناً أوتوماتيكياً).

إن مذهب الاتفاقية كان، فوق كل شيء حلاً وسطاً بين ديكارت وسبينوزا. رأى ديكارت الآلية أو الميكانيكية في المادة. ولكن الحرية في العقل. ورأى مالبرانش أن الله هو السبب الوحيد في كل عمل في كل عقل. واتفق سبينوزا، وهو ثمل بنشوة الوجد الإلهي "مثل أي راهب، مع مالبرانش في أن سلسلتي الأعمال العقلية والمادية كلتيهما هما نتاج متواز لقوة خلاقة واحدة. أن العابد المتأمل الورع مذ رأى الله موجوداً في كل الوجود، كان قد لقن، عن غير عمد منه، حتى المؤمنين، "وحدة وجود" (الله والطبيعة شيء واحد، الكون المادي والإنسان ليسا إلا مظاهر للذات الإلهية)، لم ينقصها إلا عبارة "الله أو الطبيعة" لتصبح فلسفة سبينوزا أو فلسفة عصر الاستنارة.

[٤ - بييربيل]

١٦٤٧ - ١٧٠٦

كان "أبو الاستنارة" ابن قسيس من الهيجونوت يعمل في مدينة كارلا في مقاطعة فوا في سفح البرانس، حيث قضي بيير هناك الاثنين والعشرين عاماً الأولى من عمره، يتعلم اليونانية واللاتينية والكلفنية.