للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[القديسون]

الدين في اليابان - تحول البوذية - الكهنة - الشكاك

إن شعور الولاء الذي يعلن عن نفسه في الوطنية وفي الحب وفي حب الوالدين وحب الأبناء وحب الخليل وحب الوطن، هو نفسه الشعور الذي لابد أن يلتمس في الكون باعتباره كلاً واحداً، قوة رئيسية يتوجه إليها بالولاء، ويستمد منها شيئاً من القيمة والمعنى اللذين يكونان أوسع نطاقاً من حدود الشخص الواحد، وأدوم بقاء من حدود عمر واحد؛ ولئن كان اليابانيون على درجة من الاعتدال في تدينهم- فهم ليسوا كالهندوس في عمق إيمانهم الديني وشدة انغماسهم في ذلك الدين، كلا ولا هم يشبهون قديسي الكاثوليكية في العصور الوسطى في حدة عاطفتهم الدينية وتهوسهم في عقيدتهم حتى بلغوا في ذلك حد تعذيب أنفسهم، وقل ذلك عن رجال الإصلاح الديني المتنازعين، لم يكن اليابانيون مثل هؤلاء ولا هؤلاء، ومع ذلك فقد أخلصوا إخلاصاً ظاهراً للتقوى وللصلاة وللفلسفة التي تنتهي بالتفاؤل، حتى لقد تميزوا بذلك من بني عمومتهم المتشككين الذين كان يفصلهم عنهم البحر الأصفر.

لقد جاءت البوذية من لدن مؤسسها سحابة قائمة من التشاؤم، تدعو الناس إلى الموت، لكنها لم تلبث تحت سماء اليابان أن تحولت إلى عقيدة قوامها آلهة وافية، وإلى محافل دينية تبعث الغبطة في النفوس، وأعياد مرحة وحجيج إلى روائع الطبيعة على غرار ما كان يتمناه روسو، وجنة موعودة تسري عن الصدور كروبها؛ نعم إن البوذية آمنت بالجحيم كما آمنت بالجنة- بل آمنت