نرى ماذا كان حظ التربية والتعليم، والأدب، والعلوم والفلسفة في هذا المجتمع الذي يبدو في ظاهره مجتمعاً دينياً؟
لقد ظل التعليم الابتدائي في أيدي مدرسين خصوصيين يؤدي لهم الآباء أجورهم قدراً معيناً عن كل تلميذ في فترة محددة كم الزمن. أما التعليم العالي فقد ظل إلى أيام ثيودوسيوس الثاني يقوم به المحاضرون ليس لغيرهم سلطان عليهم، وأساتذة تؤدي لهم المدينة أو الدولة أجورهم. ويشكو ليبانيوس من ضآلة أجور هؤلاء الأساتذة ويقول إنهم كانوا يتوقون من شدة الجوع إلى الذهاب إلى الخباز، ولكنهم يمتنعون عن الذهاب إليه خشية أن يطالبهم بأداء ما عليهم من الديون (١٢). غير أننا مع ذلك نقرأ عن مدرسين أمثال يومانيوس يتقاضون ٦٠٠. ٠٠٠ سسترس (٣٠. ٠٠٠ ريال أمريكي؟) في كل عام (١٣). وكان أحسن الأفراد في هذه المهنة وأسوأهم. يتناولون أجوراً أكثر مما يستحقون، أما من عداهم فإنهم يتقاضون أقل مما يجب أن يتقاضوه. وعمل يوليان على نشر الوثنية بأن جعل الامتحانات التي تقوم بها الدولة والتعيين من قبلها هو القاعدة المتبعة في تعيين أساتذة الجامعات كلها (١٤). وجاء ثيودوسيوس الثاني، لأسباب عكس هذا السبب السابق، فجعل الإقدام على التعليم بغير ترخيص من الدولة جناية، وما لبث هذا الترخيص أن أقتصر على أتباع الدين الرسمي للدولة.
وكان مقر الجامعات الكبرى في الدولة في الإسكندرية، وأثينة،