والقسطنطينية، وإنطاكية؛ وكانت هذه الجامعات تتخصص على التوالي في تعليم الطب، والفلسفة، والأدب، والبلاغة. وجمع أريباسيوس Oribasius البرجمومي (حوالي عام ٣٢٥ - ٤٠٣) طبيب يوليان موسوعة طبية مؤلفة من سبعين "كتاباً"؛ وألف إيتيوس الأميدي Aetius of Amida طبيب البلاط في عهد جستنيان أخرى شبيهة بهذه الموسوعة تمتاز بأحسن ما في الطب القديم من تحليل لأمراض العين، والأذن، والأنف، والفم، والأسنان؛ وبفصول شيقة في تضخم الغدة الدرقية والصرع، والعمليات الجراحية من استئصال اللوز إلى جراحة البواسير. وكان الإسكندر التراليسي Alexander of Tralles (حوالي عام ٥٢٥ - ٦٠٥) أكثر مؤلفي الطب ابتكاراً في ذلك العهد: فقد وضع أسماء لكثير من الطفيليات المعوية المختلفة، ووصف اضطرابات القناة الهضمية وصفاً دقيقاً؛ وبحث في أمراض الرئتين وعلاجها بحثاً وافياً لا نظير له فيما سبقه من البحوث. وترجم كتابه المدرسي في علم الأمراض الباطنية العلاجي، إلى اللغات السريانية، والعربية، والعبرية، واللاتينية، وكان له في العالم المسيحي أثر لا يعلو عليه إلا أثر كتب أبقراط، وجالينوس، وسورانوس (١٥). ويقول أوغسطين إن تشريح الأجسام الآدمية كان مألوفاً في القرن الخامس (١٦). ثم طغت الخرافات على الطب شيئاً فشيئاً، فآمن معظم الأطباء بالتنجيم، وأشار بعضهم باستخدام طرق في العلاج تختلف باختلاف مواقع الكواكب (١٧). وكان مما أشار به إيتيوس لمنع الحمل أن تضع المرأة بالقرب من شرجها سن طفل (١٨)، وسبق مارسلوس في كتابه في الطب DeMedicamentis (٣٩٥) المحدثين فأشار بلبس قدم أرنب (١٩). وكان للبغال حظ أحسن من حظ الآدميين؛ ذلك أن أحسن كتاب علمي في ذلك العهد هو كتاب فلافيوس الفجتيوسي Flavius Vegitius، (٣٨٣ - ٤٥٠) المعروف باسم: Digestorumartis Mulomedicinae Libri IV ويكاد هذا الكتاب أن يكون هو الأساس