الذي قدم عليه الطب البيطري، وقد ظل هو المرجع الذي يعتمد عليه حتى عصر النهضة.
وسارت الكيمياء والكيمياء الكاذبة جنباً إلى جنب. وكانت الإسكندرية مركزهما جميعاً. وكان الباحثون في الكيمياء الكاذبة بوجه عام مخلصين في بحثهم، يستخدمون الطرق التجريبية بأمانة أكثر مما يستخدمها غيرهم من العلماء الأقدمون. وقد كان لهم الفضل في تقدم كيمياء المعادن والسبائك تقدماً كبيراً؛ ولسنا واثقين من أن المستقبل لن يحقق ما كانوا يسعون إليه من أغراض. كذلك كان للتنجيم أساس صحيح شريف؛ فقد كان الناس جميعاً يؤمنون إيماناً لا يقبل الشك بأن النجوم، والشمس، والقمر، تؤثر كلها فيما يقع على الأرض من أحداث، ولكن الدجالين أقاموا على هذه الأسس صرحاً عجيباً من السحر، والتنبؤ بالغيب والتمائم والرقى المستمدة من أسماء الكواكب. وكان استطلاع الأبراج السماوية لمعرفة مستقبل الناس أكثر انتشاراً في مدائن العصور الوسطى منه في نيويورك أو باريس في هذه الأيام. وشاهد ذلك أن القديس أوغسطين يحدثنا عن صديقين كانا يرصدان بعناية مواقع النجوم وقت مولد حيواناتها المستأنسة (٢٠). ولقد كان المثير مما عند العرب من سخافات في التنجيم والكيمياء الكاذبة مما ورثه المسلمون عن اليونان الأقدمين.
وكانت أظرف شخصية في علوم ذلك العصر هي شخصية هيباشيا الفيلسوفة والعالمة الرياضية، وكان والدها ثيون Theon هو آخر من سجلت أسماؤهم في سجل أساتذة متحف الإسكندرية. وقد كتب شرحا لكتاب Syntaxis لبطليموس أقرّ فيه لما كان لابنته من نصيب في تأليفه. ويقول سويداس إن هيباشيا كتب شروحاً لكتاب القوانين الفلكية لبطليموس، وكتاب المخروطات لأبلونيوس البرجى (٢١)، ولكن مؤلفاتها كلها لم يبق منها شئ.