هل وجد المسيح حقاً؟ أو أن قصة حياة مؤسس المسيحية وثمرة أحزان البشرية، وخيالها، وآمالها- أسطورة من الأساطير شبيهة بخرافات كرشنا، وأوزريس، وأتيس، وأدنيس، وديونيشس، ومثراس؟ لقد كان بولنجبروك والملتفون حوله، وهم جماعة ارتاع لأفكارهم فلتير نفسه، يقولون في مجالسهم الخاصة إن المسيح قد لا يكون له وجود على الإطلاق، وجهر فلني Volney بهذا الشك نفسه في كتابه خرائب الإمبراطوريّة الذي نشره في عام ١٩٩١؛ ولما التقى نابليون في عام ١٨٠٨ بفيلاند Wieland العالم الألماني لم يسأله القائد الفاتح سؤالاً تافهاً في السياسة أو الحرب، بل سأله هل يؤمن بتاريخية المسيح؟
ولقد كان من أعظم ميادين نشاط العقل الإنساني في العصر الحديث وأبعدها أثراً ميدان "النقد الأعلى" للكتاب المقدس- التهجّم الشديد على صحته وصدق روايته، تقابله جهود قوية لإثبات صحة الأسس التاريخية للدين المسيحي؛ وربما أدت هذه البحوث على مر الأيام إلى ثورة في التفكير لا تقل شأناً عن الثورة