للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التي أحدثتها المسيحية نفسها. وقد دارت رحى أولى المعارك في هذه الحرب التي دامت مائتي عام كاملة في صمت وسكون، وكان الذي أدارها هو هرمان ريمارس Hermann Reimarus أستاذ اللغات الشرقية في جامعة همبرج، فقد ترك بعد وفاته في عام ١٧٦٨ مخطوطاً عن حياة المسيح يشتمل على ١٤٠٠ صفحة حرص على ألا ينشره في أثناء حياته. وبعد ستة سنين من ذلك الوقت نشر جتهولد لسنج Gotthold Lessing أجزاء من هذا المخطوط، رغم معارضة أصدقائه في هذا النشر، وسماه هتامات ولفنبتل Wolfenbuttel Fragments. ويقول ريمارس أن يسوع لا يمكن أن يُعد مؤسس المسيحية أو أن يفهم هذا الفهم، بل يجب أن يفهم على أنه الشخصية النهائية الرئيسية في جماعة المتصوفة اليهود القائلين بالبعث والحساب، ومعنى أن المسيح لم يُفكر في إيجاد دين جديد بل كان يفكر في تهيئة الناس في استقبال دمار العالم المرتقب، وليوم الحشر الذي يحاسب فيه الله الأرواح على ما قدمت من خير أو شر. وفي عام ١٧٩٦ أشار هردر إلى ما بين مسيح متى، ومرقص، ولوقا، ومسيح إنجيل يوحنا من فوارق لا يمكن التوفيق بينهما، وفي عام ١٨٢٨ لخص هنريخ بولص Heinrich Paulus حياة المسيح في ١١٩٢، صفحة، وعرض تفسيراً عقلياً للمعجزات: أي أنه آمن بوقوعهما، ولكنه عزاها إلى علل وقوى طبيعية. ثم جاء دافد استروس David Strauss (١٨٣٥ - ١٨٣٦) في كتابه عن حياة المسيح- وهو كتاب عظيم الأثر في التاريخ- فرفض ما حاوله بولص من توفيق بين المعجزات والعلل الطبيعية، وقال إن ما في الأناجيل من خوارق الطبيعة يجب أن يُعد من الأساطير الخرافية، وإن حياة المسيح الحقيقية يجب أن تعاد كتابتها بعد أن تحذف منها هذه العناصر أياً كانت عناصرها. وقد أثارت مجلدات استروس الضخمة عاصفة قوية في التفكير الألماني دامت جيلاً من الزمان. وفي نفس العام الذي ظهر في كتاب استروس