بابنه منها. ولكنه كان قد أصبح بعد ثمانية أعوام من الحكم الإمبراطوري نافد الصبر دكتاتوراً سهل الاستثارة سريع الغضب مُغالياً في تقدير قدراته العقلية وإمكاناته السياسية. مع استثناءات كثيرة: لقد تحمل انتقادات كولينكور بفكاهة وصدر رحب. وغفر كثيراً من الأخطاء المكلّفة لإخوته وجنرالاته. وكانت تمر به لحظات ينظر فيها لنفسه نظرة واقعية: يخبرنا سكرتيره أنه: "في الحالات التي كان يستغرق فيها في التفكير والتأمل كنت أسمعه يشخّص وضعه وموقفه بعبارة يقول فيها لقد شددنا القوسَ إلى منتهاه". لكنه قلما كان يفقد الرؤية والإحساس بالقصور. لقد قال لناربون Narbonne وبعد كل هذا، "فإن هذا الطريق الطويل [إلى موسكو] هو الطريق إلى الهند".
وعلى هذا ففي ٩ مايو ١٨١٢ غادر سان كلود St.-Cloud قاصداً موسكو على الأقل، لقد كان كل شيء في حياته مقامرة، وكانت هذه (ذهابه بجيشه إلى موسكو) هي أكبرها.
٤ - الطريق إلى موسكو: ٢٦ يونيو - ١٤ سبتمبر ١٨١٢
ألحت عليه ماري لويز أن تصاحبه حتى دريسدن Dresden وأن يدعو والديها للقائهما هناك لتكون مرة أخرى مع أسرتها لفترة، وستكون هذه الفترة وجيزة على أية حال. ووافق نابليون، ووجد من الحكمة أن يدعو أيضاً فريدريك الثالث البروسي وعدداً كبيراً من الشخصيات الملكية وذوي الحيثية. لقد أصبحت مسيرته من مينز مُشرِّقا عبر بلاد الراين موكب نصر، إذ كان الحكام المحليون يخرجون لاستقبال سيّدهم الأعلى، وكانوا ينضمون إلى موكبه طوال تقدمه في سكسونيا. وإلى الغرب من دريسدن بأميال قليلة التقى بالملك فريدريك أوغسطس الذي صحبه ومن معه إلى العاصمة، فوصلوا المدينة قبل منتصف الليل بساعة في ١٦ مايو وازدحمت الشوارع التي مرّوا بها بالناس حاملين المشاعل وهاتفين مرحبين ودقت أجراس الكنائس ودوَّت المدافع بطلقات التحية.
وفي ١٨ مايو وصل ميترنيخ Metternich مع إمبراطور النمسا وإمبراطورتها، وعانقت ماري لويز