من مهمة جمعها (حشدها). حقيقة لقد كانت المرحلة الأولى من هذا المشروع وكذلك الأخيرة قد تأثرت بشكل حيوي بظروف نقل الجنود وتمويلهم، ولم يكن من الممكن بدء المعركة إلا بعد أن تكون التربة قد سمحت بنمو الحشائش بقدر كاف لإطعام الخيول. وكان دمار الحملة يكاد يكون تاماً باستيلاء الروس على المؤن التي كان الفرنسيون الجوعي العائدون يتوقعون وجودها في سمولنسك Smolensk.
لقد حاول نابليون أن يحسب حساب كل شيء سوى الكارثة. لقد كان قد رتَّب أموره ليكون لديه مخازن للمواد وقطع الغيار الميكانيكية والطعام والملابس والأدوية في كل من وزل Wesel وكولوني Cologne وبون Bonn وكوبلنز (Coblenz) ومينز (Mainz) وغيرها من النقاط في طرق جيوشه المتجمعة، وكان لابد من إمدادات شبيهة ممثلة في مئات من عربات النقل تتبعُ الغزاة إلى روسيا. وكان نابليون يعرف أين يشتري وماذا يدفع. لقد كان يعرف خداع المورِّدين، وكان مستعداً لإحراق أي تاجر يُحمِّل جيشه أكثر مما يطيق أو يبيعه بضائع رديئة أو مغشوشة.
كيف دفع تكاليف كل هذه المؤن ونقلها وخزنها وكيف دفع لجنده ومستخدميه؟ لقد فرض الضرائب وفرض على المقرضين إقراضه وأخذ القروض من بنك فرنسا ومن البنوك الخاصة، وأخذ الملايين من المبالغ الخاصة به والبالغة ٣٨٠ مليون فرنك ذهباً والتي أودعها في أقبية التوليري Tuileries، وراح يقاوم الإسراف أينما كان ووبَّخ مطلّقته الحبيبة جوزيفين لأنها تنفق كإمبراطورة وامتدح الإمبراطورة ماري لويز Marie Louise لاقتصادها في النفقات. وباختصار فإنه قال في وقت لاحق:"إن معركة روسيا … كانت هي الأفضل، والأكثر إتقاناً، والأكثر براعة في قيادتها، بل والأكثر منهجية (نظاماً) من بين كل المعارك التي قُدْتها".
أكان كفؤاً لقيادتها؟ ربما كان أكثر معاصريه كفاءة لكنه كان أقل ملائمة مما تحتاجه مثل هذه المعركة. لقد كان في الثالثة والأربعين، وكان في هذه السن قد أَلِفَ بالفعل حياة المعسكرات وواجبات المعارك، ويمكننا أن نفترض أنه ربما كان يعاني من آلام عوَّقته في بورودينو Borodino وواترلو Waterloo (بعد ذلك): آلام في المعدة، صعوبات متوالية في التبوّل، آلام البواسير. ومع هذا فقد كان لا يزال رفيقاً عادلاً وزوجاً طيباً لماري لويز وأباً مولعاً