يكفي لعدم إرهابهم. وحاول نابليون إلهاب مشاعر جنرالاته إلا أنهم لم يكادوا يُصيخون إليه سمعاً لأنهم كانوا ضد الحرب الجديدة لأنها - في رأيهم - دعوة إلى مأساة. وكان كثيرون منهم قد غدوا أثرياء بفضل هباته وكانوا راغبين أن يتركهم لينعموا بها في سلام.
وكان بعض مساعديه من الشجاعة بمكان بحيث صارحوه بشكوكهم. بل إن كولينكور رغم ولائه له وبرغم أنه خدمه حتى سنة ١٨١٤ كقيِّم على إسطبله الإمبراطوري ومشرف على خيوله - حذّره من أن الحرب مع روسيا مدمرة، بل وجرؤ على أن يقول له إنه قد سبّب كل هذه المتاعب لإرضاء ولعه الشديد بالحرب. أما فوشيه Fouche الذي كان قد أُبعد عن الحضرة الإمبراطورية بسبب تآمره الشديد، كما هو مفترض فقد استدعاه نابليون مرة أخرى ليضعه تحت ناظريه أو ليتمكن من توجيهه. فوشيه هذا قال لنابليون إنه من الصعب هزيمة روسيا بسبب المناخ وإنه - أي نابليون - يفعل كل هذا بسبب حلمه المضلل بأن يحكم العالم كله - هذا إن جاز لنا أن نصدّق فوشيه هذا.
وقد شرح نابليون أنه لا يحلم إلا بإيجاد ولايات متحدة أوربية وأن يقدم للقارة تشريعات قانونية واحدة وعُملة واحدة، ونظام مقاييس وموازين واحد ومحكمة استئناف واحدة - كل هذا تحت قبعة واحدة ذات زوايا ثلاث. وهذا الجيش الهائل الذي لم يسبق له مثيل الذي بذل جهودا كبيرة لجمعه وإعداده - كيف يُعيده إلى دياره الآن ليسير خلال ما بقي له من حياة وذيله بين سيقانه؟!
لقد كان فعلاً جيشاً هائلاً: ٦٨٠،٠٠٠ مقاتل من بينهم ١٠٠،٠٠٠ فارس وما لا يُحصى من المسئولين السياسيين والخدم والنسوة المرافقات. وكان أقل من نصف هذا العدد من الفرنسيين، أما الباقون فكانوا كتائب عسكرية مطلوبة من كل من إيطاليا، وإيليريا Illyria والنمسا وألمانيا وبولندا. وكان هناك خمسون جنرالاً: ليفبفر Lefebvre، دافو، أودينو Oudinot، ني Ney، مورا Murat، فيكتور Victor، أوجيرو Augereau، يوجين دي بوهارنيه Eugene de Beauharnais، الأمير جوزيف أنتوني بونياتوفسكي Jozef Antoni Poniatowski ابن أخي آخر ملوك بولندا الفرسان، وغيرهم. لقد تجمعت كل هذه القوى في جيوش منفصلة في نقاط مختلفة في الطريق إلى روسيا وتم تزويد كل جنرال بتعليمات محددة عن متى وأين يقود جيشه؟.
لقد كانت مهمة إعداد وتمويل هذا العدد الكبير تحتاج إلى عبقرية وصبر ومال، ربما أكثر